عاد ملف مدينة منبج السورية إلى الواجهة من جديد، بعد تصريحات الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، الثلاثاء، التي قال فيها إنه “إذا لم يتم إخراج الإرهابيين من منبج خلال بضعة أسابيع، فستنتهي فترة انتظارنا”، في إشارة منه لمقاتلي قوات سوريا الديمقراطية التي تشكل وحدات حماية الشعب، الحجر الأساس فيها.
وتعد مدينة منبج، التي يقطنها خليط من العرب والأكراد وأقلياتٍ أخرى، ملتقى لنفوذ ثلاث قوى دولية وإقليمية على الأراضي السورية، هي واشنطن وموسكو وأنقرة.
ويفرض “مجلس منبج العسكري” سيطرته على المدينة في الوقت الحالي، وهو فصيل مسلح لا يتبع لتركيا، ويضم بعض أبناء المدينة. كما أنه يشكل تحالف عدّة جماعاتٍ عسكرية كانت تقاتل ضد النظام السوري، لكنه نسّق في وقتٍ سابق مع “قوات سوريا الديمقراطية” أثناء معركة تحريرها من تنظيم “داعش” منتصف العام 2016، الأمر الذي زاد من مخاوف تركيا من السيطرة الكردية التامة على مدينة منبج.
ورفض مسؤول كردي كبير في قوات سوريا الديمقراطية في اتصال هاتفي مع “العربية.نت”، التعليق على تصريحات أردوغان التي منح فيها مقاتلي سوريا الديمقراطية “بضعة أسابيع” لمغادرتها.
وتصنف أنقرة، وحدات حماية الشعب “الكردية”، جماعة “إرهابية” وامتداداً لحزب العمال الكردستاني الذي يخوض تمرّداً مسلحاً ضدها منذ العام 1984.
ووصف مسؤول محلي في الإدارة الذاتية بمنبج في اتصال مع “العربية.نت”، تهديدات تركيا بـ “حربٍ إعلامية”، مضيفاً أن “ذلك لن يعيق حياتنا” على حدّ تعبيره.
مساومة روسيا وواشنطن
إلى ذلك، أكد المحلل السياسي والباحث في الشؤون التركية، خورشيد دلّي، أن “تصريحات أردوغان الأخيرة تحوي ثلاث رسائل من جهة توقيتها”.
وأضاف دلّي في اتصال مع “العربية.نت” أن “الأولى، هي موجهة للرئيس الأميركي، دونالد ترمب، لاسيما أن هذه التصريحات، تأتي مع بدء جولة جديدة من المحادثات الأميركية ـ التركية، ومفادها أن أنقرة متمسكة بأن تكون المنطقة الآمنة تحت سيطرتها فقط”.
وتابع “بينما الثانية، فهي للطرف الروسي، وهي تستبق القمة الثلاثية التي تجمع الرئيس التركي بنظيريه الإيراني والروسي، ومضمونها أن أنقرة مستعدة للعمل مع موسكو في شمال شرقي سوريا، وإعادة العلاقة مع دمشق”.
كسب انتخابي
وأشار إلى أن “رسالته الثالثة، موجهة للداخل التركي وتهدف لكسب المزيد من الأصوات في الانتخابات المحلية المقبلة، لصالح حزب العدالة والتنمية في ظل خوف كبير من خسارته، لبلديتي أنقرة واسطنبول”.
وشدد دلّي على أن “هذه التصريحات، تأتي لممارسة المزيد من الضغط على الجانب الأميركي، للحصول على تنازلاتٍ لصالح أجندة أردوغان في الشمال السوري ومنها المنطقة الآمنة”.
واستبعد دلّي “حصول تفاهمٍ تركي ـ روسي حول مدينة منبج”، بالرغم من أن الناطق باسم الرئاسة التركية، إبراهيم كالن، قد أعلن الاثنين الماضي، أن بلاده توصلت إلى تفاهم مع روسيا بخصوص خارطة الطريق حول مدينة منبج السورية.
وقال دلّي في هذا السياق إن “موسكو لم تؤكد هذا الأمر من جهتها بعد. ربما تركيا تلمح لإمكانية التوصل إلى اتفاقٍ معها، بشأن ترتيبات أمنية في ضوء اتفاق أضنة وإمكانية تطويره”.وفق ما ذكرت العربية.نت