تحرص القوى السياسية اللبنانية المعنية بالتوصل إلى قانون انتخاب على ضرورة الإفادة من الوقت المتبقي لدعوة رئيس المجلس النيابي نبيه بري البرلمان إلى الانعقاد في 15 أيار المقبل لإيجاد صيغة توافقية تدفع إلى إنتاج قانون جديد، وهذا ما تم التفاهم عليه بين رئيس “اللقاء الديموقراطي” النيابي وليد جنبلاط ورئيس “التيار الوطني الحر” الوزير جبران باسيل خلال اجتماعهما في حضور وزير التربية مروان حمادة والنائب غازي العريضي وتيمور وليد جنبلاط.
وفي هذا السياق، عقد بعد ظهر امس في مبنى وزارة الخارجية اجتماع خماسي هو الأول من نوعه ضم: باسيل، العريضي، مدير مكتب الرئيس سعد الحريري، نادر الحريري، المعاون السياسي للأمين العام لحزب الله حسين الخليل، نائب رئيس حزب “القوات اللبنانية” النائب جورج عدوان، والنائبين إبراهيم كنعان وآلان عون.
وعلقت مصادر مطلعة على هذا الاجتماع بالقول: “إن توسيع المشاركة من الأطراف المعنية للمرة الأولى، بانضمام القوات اللبنانية والحزب التقدمي الاشتراكي إلى اللجنة الرباعية التي كانت تلتئم سابقاً، جاء نتيجة القناعة بوجوب تسريع الخطى للبحث في قانون الانتخاب قبل جلسة مجلس الوزراء الأسبوع المقبل”.
وعلمت “الحياة” من مصادر وزارية ونيابية أن الاجتماع الخماسي جاء بعد مروحة الاتصالات التي قام بها الحزب “التقدمي الاشتراكي” وشملت رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع لدى استقباله النائبين أكرم شهيب ووائل أبو فاعور، والتي تزامنت مع مواصلة رئيس الحكومة سعد الحريري لقاءاته ومشاوراته، قادت إلى قناعة ثابتة بأنه لم يعد من مكان لنظام التأهيل في المشاريع الانتخابية المطروحة، وأن سحبه من التداول بات حتمياً كأساس للوصول إلى مخرج، لا يعيد الحرارة للاتصالات فحسب، وإنما للبحث عن بديل للتأهيلي.
ولفتت المصادر إلى أن زيارة باسيل لجنبلاط تقررت بعد اجتماع عقد الأسبوع الماضي بين الأول والعريضي، وقالت إنهما عقدا جلسة مطولة أبدى فيها باسيل رغبته في لقاء رئيس “التقدمي”. وقالت المصادر إن باسيل لمس اعتراضاً شديداً من جنبلاط على التأهيلي يتلاقى مع رفض بري وقوى أخرى له، إضافة إلى “القوات” الذي أدرج مجموعة من الملاحظات عليه. وكشفت أن النقاش بين جنبلاط وباسيل في التأهيلي استغرق دقائق، لأن المواقف منه باتت معروفة وغير قابلة للتعديل أو التغيير.
وأضافت أن رفض جنبلاط التأهيلي فتح الباب أمام ضرورة البحث عن مشاريع أخرى، خصوصاً أن “التقدمي” عندما طرح مشروعه الذي يجمع بين النظامين الأكثري والنسبي وينطلق من المختلط هدف إلى تفصيل المشاورات وصولاً إلى قواسم مشتركة. ورأت أن هذا اللقاء تميز برغبة مشتركة في تكثيف التواصل بين “التيار الوطني” و”التقدمي” وضرورة تضافر جهود جميع الأطراف لإنتاج قانون جديد. وقالت إن المصارحة بينهما كانت حاضرة في العمق من خلال تبادل وجهات النظر حول عدد من القضايا، وأن الاختلاف لا يبرر توتير الأجواء لما له من انعكاسات على عدد من المناطق في الجبل.
من جهتها، عكست صحيفة “الجمهورية” أجواء الاجتماع مشيرة إلى أن لا خرقَ بعد، والبحثُ تطرّقَ إلى الخطوات الأخيرة التي يجب استكمالها، فيما قالت مصادر شارَكت في الاجتماع للصحيفة إنّ “الاجتماع كان فاشلاً، والنقاش الذي دار فيه أقربُ إلى النقاش العبثي، بحيث عُدنا إلى ما دون نقطة الصفر”.
وبحسب المعلومات، فقد أصرّ باسيل في الاجتماع على السير بالمشروع التأهيلي كـ “حلّ هو الأفضل” للوضع الانتخابي المعقّد، مقروناً بطرح إنشاء مجلس الشيوخ في آنٍ معاً.
وقد أيَّد نادر الحريري باسيل، فيما أبدى ممثّل “حزب الله” ملاحظات أساسية على طرحه، أمّا موقف “القوات اللبنانية” فلم يكن مؤيّداً بالكامل، خصوصاً وأنّ عدوان طرَح سلسلة أسئلة وملاحظات جوهرية حوله وحول مدى قدرةِ هذا الطرح على جذبِ توافقِ السياسيين عليه.
إلّا أنّ الأبرز كان موقف ممثّل الحزب التقدمي الاشتراكي النائب غازي العريضي، الذي قدّم مرافعة اعتراضية مطوَّلة على التأهيلي، وصِفت بالشديدة اللهجة، وفيها: “قلتم بالتوافق على قانون انتخابي، ونلاحظ أنّكم تراجَعتم عن هذا الأمر، فلماذا؟
مع الأسف يتمّ التعاطي مع قانون الانتخاب ليس كقانون أساسي حسّاس، بل كقانون عادي، بل أقلّ من قانون عادي أو قرار عادي أو بند عادي في مجلس الوزراء يتعلق بقبول هبة أو ما شابه.
نسمع أنّ هناك من يريد أن يطرح الموضوع الانتخابي على التصويت في مجلس الوزراء، نقول لكم إنّ هذا الأمر خطير ومن شأنه أن يقسم البلد. نحن نقول لكم الآن، نحن مع النسبية، فلنَدخل في بحث هذا الأمر”.
وأضاف: “التأهيلي نرفضه جملةً وتفصيلاً. والعجب في أنكم تقولون إنّكم تريدون الخروج من الحال الطائفية، ونجدكم في الوقت نفسِه تطرحون التأهيلي الذي يكرّس الطائفية ويُعمّقها أكثر”.
“نحن لا نريد مجلس شيوخ، ولسنا نطالب بإنشائه. قالوا لنا إنّ مجلس الشيوخ لكم، ومِن الطائف حتى اليوم لم نأتِ على ذِكره أو طلبِ إنشائه، لأننا نعرف تركيبة البلد. وها أنتم تطرحون الأمور “بالمقلوب”، ذلك أنّ الوصول إلى مجلس الشيوخ يتطلّب مساراً طويلاً يبدأ بإنشاء الهيئة الوطنية لإلغاء الطائفية السياسية، ثم إلغاء الطائفية السياسية، ثم انتخابات لمجلس نيابي على أساس وطني وصولاً إلى مجلس الشيوخ”.
“أنتم تقولون إنكم ضد التمديد، فمن قال إننا نريد التمديد، ومن قال إنّ الرئيس بري والنائب جنبلاط يريدان التمديد، نحن نريد قانوناً جديداً، ويدُنا ممدودة لإيجاد قانون قبل 15 أيار”.
(الحياة ـ الجمهورية)