وجه بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للروم الأرثوذكس البطريرك يوحنا العاشر يازجي رسالته الفصحية قال فيها: “قد وافيت العالم لتنجي آدم، فهناك لم تجده يا سيدي، فانحدرت للجحيم تطلبه.
هذا ما ترنمه كنيستنا المقدسة في هذا اليوم المبارك، نهار الجمعة العظيم، وفصح الرب وفصحنا يبتدئ من هذا اليوم، قيامة المسيح بالدرجة الأولى افتقاد وجه الخالق في وجه خليقته. قيامة المسيح تجسيد أول وأخير لتلك المحبة الإلهية التي سلكت كل الدروب ولم توفر ولا حتى درب الموت في سبيل خلاص الإنسان”.
أضاف: “في هذا اليوم تتجه عيوننا إلى ذاك المصلوب والذي كتب على الصليب عنوان غلبته على الموت. المسيح بصليبه ينقب السماوات في إثر خليقته التائهة، آدم. وبصليبه أيضا ينقب الأرض ليبلغ آدم القابع في رماد الجحيم وينفض عنه ثقل الخطيئة ويسربله حلة المجد والملكوت. ولعل هذه هي رمزية وجود الصليب على تلة الجلجلة والتي تدثر فيها آدم الجد الأول بمعصية الله وابتعاده عنه”.
وأردف: “فصح المسيح هو فصح افتقاد وفصح محبة. فصحه فصح غفران وفصح تنازل. فصحه فصح المحبة التي لم تأنف التنازل لخلاص الجبلة البشرية. في وجهه مصلوبا نرى كل أخ لنا، وفيه أيضا نتأمل ضيقات حياتنا ونعرف أن فرح القيامة آت لامحالة. فصح المسيح صليب محبة وجبروت صمت أمام تهويل متجبرين.
ونحن كمسيحيين مشرقيين أنطاكيين استقينا من رجائه ونستقي إلى اليوم كل قوة. نحن من تلك الأرض التي اقتبلته وبثت إنجيله إلى الدنيا. نحن من طينة أولئك الناس الذين اتشحوا باسمه أولا في أنطاكية. ونحن إذ نقول هذا، لا نقوله تبجحا بافتخار ما، بقدر ما نقوله تذكيرا بمسؤولية وشهادة أناطها بنا الرب يسوع المسيح. نحن مؤتمنون على رسالة محبته التي أفاحها إلى الدنيا من هذه الأرض. إن نزيف المسيحيين من الشرق بالهجرة في هذه الأيام، أشبه بحربة تنكأ جنب المسيح من جديد. وكل هذا، ويا للأسف، والعالم يكتفي بالترثي والتباكي”.
وتابع: “نقولها ومن جديد، أمام الله والناس، نحن كمسيحيين مشرقيين متكلون أولا وأخيرا على قوة رجائنا وعزيمتنا بالبقاء في هذه الأرض مهما كلح وجه زماننا. هذا الشرق وهذه الأرض قطعة من كينونتنا وشهادتنا للرب الواحد، ورغم كل شيء ورغم الهجرة ورغم كل صعوبات الحياة، يشدنا إليها وثاق التاريخ ووثاق الجغرافية ووثاق الكينونة، وسندافع عن وجودنا فيها بكل ما أوتينا من قوة وبكل ما يعطينا الله من إمكانية. لنا في يسوع المسيح وفي قديسيه القوة الأولى والاعتماد الأول والأخير. كنا هنا وسنبقى هنا، وسنقرع أجراسنا دوما وأبدا وهي التي علقناها في أيام لم تكن أقل شظفا من الأيام الحاضرة، نحن مزروعون في هذه الأرض التي تنبت مع أقاحيها وأزاهيرها حنينا في نفوسنا كي نبقى فيها ونستظل بحنين ذكراها ونعجن بترابها وديعة الإيمان التي استلمنا من الرسل، وتربطنا أفضل العلاقة مع كل مكونات أوطاننا. وككنيسة أنطاكية، لنا ملء الحق في رعاية أبنائنا أينما حلوا في أصقاع المعمورة. وإذ نقول هذا نعي ونيقن أن أبناءنا المنتشرين في كل العالم هم فخرنا واهتمامنا أيضا وهم سفراء الشهادة المسيحية العريقة التي شربوها من رسولية كنيستهم الأم”.
وختم يازجي: “نصلي اليوم من أجل السلام في الشرق ومن أجل عودة المخطوفين كل المخطوفين ومنهم أخوانا مطرانا حلب يوحنا إبراهيم وبولس يازجي اللذان أكملا منذ أربعة أيام السنة السادسة من الخطف وسط تعامي العالم وصمته المستنكر.
بسلام الفصح نتوجه إليكم يا أبناءنا في الوطن وفي كل بلاد الانتشار سائلين المسيح له المجد أن يكلل حياتكم برجاء القيامة ويعيدها الله عليكم وعلى الناس وعلى العالم أجمع أياما مكتنزة بالفرح السماوي والتعزية الإلهية لنرنم بفم واحد وقلب واحد:
“المسيح قام من بين الأموات ووطئ الموت بالموت ووهب الحياة للذين في القبور”.