الإنتصار الأول في ختام اليوم الإنتخابي الطويل أمس كان للبنان دولة وشعباً. فأن تجري العملية الإنتخابية بعد 9 سنوات كانت شديدة الإضطراب على امتداد المنطقة بما في ذلك لبنان، لهو بحد ذاته إنجازٌ للدولة اللبنانية وللبنانيين جميعاً. وما يزيد هذا الإنجاز المحقّق وضوحاً مرور النهار الإنتخابي الطويل في أجواء أمنية هادئة، إذ أنّ «كل الاشكالات التي وقعت تمت معالجتها بسرعة، ولم يحصل أي تبادل لاطلاق النار»، فضلاً عن أنه لم تسجّل سوى «ثغرات بسيطة» في العملية الإقتراعية، على حد وصف وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق، مؤكداً أن هذا الإنتصار يتفوّق في أهميته على كل الانتصارات المحقّقة لهذا الطرف السياسي أو ذاك في نهاية العملية الانتخابية، إذ لولا مرور الانتخابات «على خير» وفي أجواء «سلسة» يندر أن تشهدها انتخابات سواء نيابية أو بلدية في لبنان، لما كان في إمكان أي من الأطراف السياسية أن يعلن فوزه في هذه الانتخابات. وتكفي عودة سريعة إلى الانتخابات البلدية الأخيرة في العام 2016 لتعود إلى الأذهان إشكالات و«شوائب» شهدتها بعض المناطق في لبنان، بينما لم تشهد أي منطقة في لبنان مثلها في الإستحقاق الإنتخابي الأخير.
والحال هذه يمكن القول إنّ «المفاجأة» الأساسية في هذه الانتخابات النيابية كانت في إتمام العملية الإنتخابية بنجاح، بالرغم من أنّها تجرى للمرة الأولى خلال يوم واحد في كلّ لبنان، هذا فضلاً عن أنّ القانون الذي تجري على أساسه الانتخابات قانون جديد يعتمد النظام النسبي للمرّة الأولى في لبنان.
أهمّية الإنجاز الذي تحقّق أمس كان قد عبّر عنها رئيس الجمهورية العماد ميشال عون بعد إقتراعه أمس في حارة حريك، حيث قال: «اليوم يمارس اللبنانيون أهم عملية وطنية سياسية ويختارون الاشخاص الذين سيمثلونهم أربع سنوات في مجلس النواب، وهو المؤسسة الأم التي تنبثق منها كل السلطات، من هنا، فهو يوم مهم جداً للبنان».
وهو ما عبّر عنه أيضاً رئيس الحكومة سعد الحريري بعد إدلائه بصوته الانتخابي في ثانوية شكيب أرسلان في فردان، بقوله: «أنا أرى أننا إذا نظرنا لما يحصل حولنا، ورأينا أن لبنان يقوم بانتخابات ديمقراطية، نجد أن البلد بألف خير».
إذاً وقبل الوقوف على النتائج الإنتخابية والسياسية للانتخابات النيابية فإنّ النتيجة الإهم هي إتمام العملية الانتخابية بنجاح لم تعكّره سوى «ثغرات بسيطة»، وفي ظل أجواء هادئة لم تعكّرها سوى إشكالات بسيطة هي من عادات أي انتخابات في لبنان.
أمّا اللافت في النهار الإنتخابي أمس فكان تفاوت نسب الإقتراع بين منطقة وأخرى، لا سيما لجهة تدني نسبة الإقتراع في العاصمة بيروت وفي طرابلس كذلك، علماً أنّ الساعات الأخيرة قبل إقفال صناديق الإقتراع شهدت زيادة في أعداد المقبلين على الإدلاء بأصواتهم في بيروت، وقد بلغت نسبة الإقبال على مستوى لبنان 49,2 %، بحسب ما أعلن الوزير المشنوق منتصف ليل أمس.
ولعلّ نسب الإقتراع «غير المتوقعة» في غالبية المناطق اللبنانية بالنظر إلى حماوة المعركة انتخابياً وسياسياً، وبالنظر أيضاً إلى حجم التعبئة الانتخابية التي شهدها لبنان طيلة الأشهر الماضية، كانت «نجم» اليوم الانتخابي، لا سيما في الساعات الأخيرة قبل إغلاق صناديق الإقتراع.
(المستقبل)