جوزاف الهاشم :
ومَنْ لا يُحبُّ صعودَ الجبالِ
يعِشْ أبَدَ الدهْرِ بينَ الحُفَرْ
أبو القاسم الشابي.
الذين يسقطون فوق جبال لبنان وبالدم يروون القمم، إنما همُ يسقطون شموخاً الى فوق، ولا يصحّ معهم التصنيف بين مَنْ هُمْ قتلى ومَنْ هم شهداء.
والذين يموتون في سبيل الله تعالى، كمثل الذين يموتون في سبيل لبنان تعالى، فهُمْ أحياءٌ عند ربّهم يُرزقون.
في المطلق الوطني: عندما تتعرض الأوطان لخطر مصيري، تتوقّف الألسنة عن الثرثرة أمام جدّية التاريخ.
وفي المنطق السياسي ليس من مطلق، فهناك من يرى أن حزب الله تخطى الحدود في قتاله خارج الحدود بوحيٍ من المطلق العقائدي.
وفي المنطق الديني، هناك من يرى أنَّ «سلاح» الصراع المذهبي التاريخي الذي تفجَّر على وقْعِ الغزو الأميركي للعراق، قد تعزَّز التهابُهُ على وقع قتال حزب الله في الساحات العربية الإسلامية، «والدين في العالم الثالث هو السلاح الأكثر فعالية» على ما يقول فوستر دالاس وزير الخارجية الأميركي في عهد أيزنهاور.
وفي المنطق الإقليمي، هناك من يرى أن انخراط حزب الله المحوري في الاستراتيجية الإيرانية في المنطقة وفي مواجهة دول الخليج، قد عزَلَ لبنان عن أخصب المصادر الحيوية إقتصادياً وسياحياً، وعزَل حزب الله عن أخصب تأييد إسلامي جامع بعد انتصاره التاريخي على العدو الإسرائيلي في حرب تموز 2006 حين تصدّرت صورة سيد المقاومة قلوب المسلمين وبيوتهم على اختلاف مذاهبهم في العالم الإسلامي، بما كان يوازي الإنتصار على إسرائيل في مدلوله الديني والعربي.
هذه الإعتراضات وغيرها، بما فيها حصرية السلاح في عهدة الدولة، كلّها مواضيع أساسية ووطنية مطروحة للخلاف، مثلما هي مطروحة للبحث والنقاش.
وفي المقابل: هناك من يطرح على المعترضين اعتراضاتٍ من نوع آخر فينبري من يسأل:
لماذا كان هذا التسليم الطويل بتنازلات متلاحقة حيال دولة تمتلك سلاحين؟
ولماذا كان تشريع هذا السلاح في بيانات الحكومات…؟
ولماذا كان إعلانٌ من أعلى المراجع عن حاجة قوة الجيش الى قوة المقاومة؟
ولماذا نرى بعض المشاركين في الحكومة يزْعقون في الأزقّة الإنتخابية هياجاً، وفي مجلس الوزراء نراهم خصياناً لا يتجرأون على النظر الى جواري البلاط.
ولماذا أيضاً تبدأ ابتسامات من التودّد وخلفها ما خلفها من خناجر، وتبرز سياسة المهادنة تمهيداً للزحف في اتجاه «حارة حريك» من قِبلِ الذين يحلمون بالزحف على «حارة» القصر.
في أيّ حال… وأيّاً تكن هذه الإعتراضات وتلك، فقد آن للدم الضاغط على ضمائرنا بالنزف أن يوقظ فيها صحوة وجدانية نرتقيَ معها جميعاً الى مستوى وحدة الشعب بالدم، أَلا خذوا الحكمة من أبناء بلدة القاع الذين زحفوا الى مستشفى «الحكمة» في بعلبك وعلى رأسهم كاهن الرعية، وهم يتبرعون بدمهم لجرحى الجيش والمقاومة، لعلّ الدمُ الزكيُّ الذي اختلط موحداً بالتراب يختلط أيضاً موحداً في العروق.