قال وزير العمل اللبناني، محمد كبارة، إن التحديات التي تواجهها بيئة العمل في لبنان لا تختلف كثيراً عن أوضاع باقي الدول العربية، إنما يشهد تحديات من نوع آخر وهي الأقسى في تاريخه، وتتمثل بتدفق النازحين السوريين جراء الأزمة في سوريا منذ ست سنوات.
وقال كبارة خلال أعمال الاجتماع العربي الثلاثي الذي نظمّه المكتب الإقليمي لمنظمة العمل الدولية في بيروت حول “مستقبل العمل في العالم العربي”، إن المنطقة العربية تعاني مختلف أنواع الأزمات، التي أثرت على أنظمة الحوكمة في المؤسسات العامة وزادت من الضغط على أسواق العمل من صعوبات وتحديات أدت إلى ازدياد البطالة في صفوف الشباب العربي، ولبنان ليس بمنأى عن هذه التحديات خصوصاً مع تفاقم الأزمة السورية، حيث تشير المفوضية السامية لشؤون اللاجئين إلى أن عدد السوريين المسجلين لديها هو مليون ومئة ألف، وتتوقع أن يصل إلى مليون ونصف المليون في نهاية السنة.
فرص العمل وأبواب الهجرة
وأضاف كبارة، “رغم تأثير الأزمة السورية على بيئة العمل في لبنان إلا أننا نعاني أيضاً من تشوهات بنيوية في الاقتصاد مع تعزيز للنشاطات الريعية، وتقول الدراسات إن لبنان يحتاج سنوياً إلى 25 ألف فرصة عمل لا يتوفر منها سوى 5 آلاف، أي ما يعادل 20% من الوظائف فقط، وإن أبواب الهجرة هي الملاذ الوحيد للشباب اللبناني، مع انحدار أكثر من ثلث الأسر المقيمة إلى ما دون خط الفقر، ومديونية عامة قياسية تصل إلى 70 مليار دولار”.
وقال كبارة “إن تسارع الأحداث في منطقة الشرق الأوسط عامة والمنطقة العربية خاصة، يفرض علينا أن نلعب دوراً فاعلاً ومهماً من خلال خلق جسور مشتركة لمواجهة هذه التحديات معاً، وخلق حوار في هذا العالم الديناميكي السريع التحول. وأن ننتهج سياسات اقتصادية مبنية على أسس التفاهم الموضوعي والبحث عن نقاط الالتقاء بما يوفر أرضية مشتركة ثابتة تساهم في تعزيز الحوار الاجتماعي الذي يصب في المصلحة العامة المشتركة لتحقيق العدالة الاجتماعية وتوفير فرص العمل اللائق لمجتمعنا”.
وحث كبارة على العمل على استثمار التكامل الاقتصادي بين الدول العربية، والتوجه نحو تحقيق اندماج اقتصادي حقيقي، يقوم على تشجيع الاستثمارات المتبادلة، وإحداث سوق عربية مشتركة، بما يعود بالنفع على كل الشعوب العربية.
ربط مخرجات التعليم بسوق العمل
إلى ذلك، أكد مدير عام منظمة العمل العربية فايز المطيري لـ”العربية.نت” على أن مستقبل العمل هو أحد هواجس منظمة العمل العربية في ظل التحولات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، التي تشهدها بعض الدول العربية والتي تسببت في تراجع وانتكاس عقود من التقدم بعملية التنمية.
وأضاف: “ليكن تجمعنا اليوم منطلقا نحو رؤية مشتركة لبناء مستقبل عمل عربي مستدام على أسس متينة لا يتأثر بالتبدلات والتحولات التي قد تعصف بالمنطقة، فلنضع خطوطا عريضة لسياسات وخطط إنمائية تستغل كامل الطاقات البشرية ولنستثمر في أبنائنا وشبابنا لنمكنهم من الانخراط في عمليات التنمية الراغب. نعمل حالياً على فتح آفاق جديدة للشباب من خلال التوعية بضرورة ربط الحصيلة العلمية وتنمية الخبرات لتلائم سوق العمل في المستقبل.”
وقال غاي رايدر المدير العام لمنظمة العمل الدولية: “إن العالم يشهد تغييرات جذرية غير مسبوقة في تاريخ المنظمة التي شارفت على الاحتفال بمؤتيها الأولى حيث قررنا بالمناسبة الشروع في عملية تفكير جدية حول مستقبل العمل، لأن هذا المستقبل يتغير بعمق ولا بد من اتخاذ التدابير لمواكبة هذا التغيير وتعزيز العدالة الاجتماعية التي تبقى الضمانة الأكيدة للسلام في العالم.”
إلى ذلك، قالت ربا جرادات المدير الإقليمي للدول العربية في منظمة العمل الدولية: “أود التأكيد مجدداً على أهمية الحوار الثلاثي الفعال والتشاركي كآلية أساسية لفهم التحديات التي تواجهنا، والعمل معاً لضمان مستقبل أكثر ازدهاراً للمنطقة من خلال العدالة الاجتماعية والعمل اللائق للجميع.”
ويعقد ممثلون عن الحكومات والعمال وأصحاب العمل وعن وكالات الأمم المتحدة والمؤسسات الأكاديمية وقادة الشباب والقطاع الخاص حواراً حول أربعة مواضيع تؤثر على مستقبل العمل في المنطقة: تحقيق العدالة الاجتماعية من خلال مبادرة تركز على العوامل الديمغرافية وتلبية الاحتياجات الخاصة للشباب والنساء واللاجئين؛ وبناء اقتصادات قوية تستطيع الاستفادة من الاتجاهات العالمية والتغيرات التكنولوجية لتحسين نتائج التوظيف؛ وتحقيق المساواة بين الجنسين وتعزيز آفاق عمل النساء في خضم التغيرات السريعة في عالم العمل؛ وتقوية الضمان الاجتماعي في البلدان العربية.
التحديات والحلول
وتضمن اللقاء أيضاً مناقشة بين قادة الشباب حول رؤيتهم للتغيرات الحاصلة في عالم العمل في المنطقة. ومن المواضيع التي أثاروها أثر التكنولوجيا، والحاجة إلى تعليم أفضل، وتطوير المهارات للتأهل لفرص العمل في المستقبل.
ويبقى ازدهار فرص عمل الشباب أحد أكبر التحديات الاقتصادية والاجتماعية التي تواجه بلدان المنطقة. فمن المتوقع أن يصل عدد الشباب من الفئة العمرية (15-24) عاماً في البلدان العربية في الخليج والشرق الأوسط ومصر إلى 64 مليوناً بحلول عام 2050. وهذا العدد يتطلب زيادة في فرص العمل اللائق لشباب المنطقة.
وتنظر المناقشة حول فرص عمل النساء ومستقبل العمل في تحديد السياسات المناسبة التي تعالج التوزع الحالي بين النساء والرجال في مجال التسجيل الالتحاق بالتعليم وفي تدابير يمكن اتخاذها للسماح لنساء المنطقة في الحصول على فرص العمل في المستقبل. كما تتناول أثر أشكال العمل الجديدة على التوازن بين العمل والمسؤوليات الأسرية.
(العربية.نت)