جاء في “نداء الوطن”:
بعد الرسالة التي وجّهها الموفد الفرنسي جان إيف لودريان إلى النواب والتي يطلب فيها منهم الإجابة الخطية على سؤالين، ليس كما قبلها، على مستوى العلاقات بين فرنسا وبعض الأفرقاء السياسيين في لبنان، إذ إنّ جهات ومرجعيات عدة اعتبرت أنّ هذه الرسالة تتخطّى حدود العلاقات الديبلوماسية ودور الوسيط في أي ملف، فهي تُظهر «تعالياً» فرنسياً في التعاطي مع اللبنانيين.
تعاملت كتل عدّة لا سيما منها التي رشحت رئيس تيار «المرده» سليمان فرنجية لرئاسة الجمهورية، بطريقة إيجابية مع المسعى الفرنسي وتجاوبت مع رسالة لودريان بإرسال إجاباتها عليها، في المقابل امتنعت المعارضة، وتحديداً ما بات يُعرف بالـ31 نائباً، أي نواب «القوات اللبنانية» و»الكتائب اللبنانية» وعدد من النواب التغييريين والمستقلّين، عن الرد على هذه الرسالة، لسببين: لأنّها تخرج عن اللياقات الديبلوماسية، ولأنّها تخالف الاتفاق بين لودريان وهؤلاء النواب خلال زيارته لبيروت في تموز الفائت. بمعزل عن الحراك الفرنسي رئاسياً، وعمّا قد يحمله لودريان من طروحات في زيارته المقبلة للبنان أو نتيجة لقاءاته، تعتبر المعارضة أنّ أي حوار وحتى أي مباردة، مهما كان شكلهما لن يوصلا إلى نتيجة في ظلّ تمسّك «حزب الله» بمرشحه. المعارضة كانت أبلغت لودريان رفضها أي حوار جامع واستعدادها لعقد اجتماعات ثنائية معه فقط، فحصل اتفاق بين الجهتين على أن يلتقي الموفد الفرنسي القوى السياسية في زيارته المرتقبة خلال أيلول، ويطرح معها موضوع المواصفات والمهمات.
المعارضة تعتبر أنّ لودريان خالف هذا الاتفاق كذلك خالف الأصول الديبلوماسية بالرسالة التي وجّهها إلى النواب. لكن بعد «السقطة الديبلوماسية» للودريان عبر الرسالة التي وجّهها إلى النواب، لا يزال موقف المعارضة نفسه. وهناك وجهة نظر داخل المعارضة تعتبر أنّ فرنسا منذ المبادرة – المقايضة الرئاسية بين فرنجية رئيساً والديبلوماسي نواف سلام رئيساً للحكومة إلى الرسالة التي وجهتها إلى البرلمان، تخرج عن أصول اللياقات الديبلوماسية في التعاطي مع لبنان. فبالمبادرة الأولى حاولت استثمار كلّ صداقاتها الخارجية لفرض «رئيس ممانع» على اللبنانيين وأن تكون فرنسا «حصة» «حزب الله» في لبنان. وبرسالة لودريان هناك خروج عن اللياقات في طريقة التعاطي مع اللبنانيين في محطات كهذه.
لذلك وفق وجهة النظر «المتطرّفة» هذه داخل المعارضة، لا لزوم لأي لقاء مع لودريان، أمام مقاربة فرنسا وطريقة تعاطيها مع لبنان، بل يجب الاكتفاء بإبلاغه بموقف المعارضة من مواصفات رئيس الجمهورية المقبل ومهماته عبر رسالة واحدة، فضلاً عن أن لا فائدة من تحديد أي مواصفات ومهمات للرئيس العتيد طالما أنّ اللجنة الخماسية سبق أن حدّدتها، وطالما أنّ «حزب الله» متمسّك بمرشحه. لكن وجهة النظر هذه ليست الطاغية في مشاورات المعارضة، انطلاقاً من ضرورة ترك خيط اتصال مع الفرنسيين ولعدم إظهار المعارضة على أنّها تعرقل أي مسعى رئاسي. ولا تزال وجهة النظر الأقوى داخل مكونات المعارضة، عدم مقاطعة موفد ديبلوماسي، بمعزل عن الموقف من مبادراته وحراكه. وبالتالي إذا طلب لودريان تحديد مواعيد للقاءات ثنائية مع مكونات المعارضة، من المفترض أن تلبّي المعارضة هذه الدعوة، وسيكون لديها موقف موحّد من المهمات والمواصفات انطلاقاً من بيان اللجنة الخماسية.
بمعزل عن شكل إبلاغ المعارضة إلى لودريان بموقفها من مواصفات رئيس الجمهورية المقبل ومهماته، وإذا كان سيجري ذلك خلال لقاءات مع لودريان أو عبر رسالة، توصّلت المعارضة إلى «ورقة» واحدة في التعامل مع زيارة لودريان المقبلة، كالآتي:
– موقف المعارضة واحد من المواصفات والمهمات المطلوبة من أي رئيس للجمهورية، وسيكون: «نحن نتبنّى ما ورد في بيان اللجنة الخماسية من أجل لبنان (فرنسا، الولايات المتحدة، مصر، السعودية وقطر) إثر اجتماعها الأخير في الدوحة، والذي يتضمّن هذه المواصفات والمهمات»، مع الإشارة إلى أنّ فرنسا عضو في هذه اللجنة وجزء من البيان الصادر عنها.
– إذا دعا لودريان الأفرقاء اللبنانيين إلى حوار رئاسياً، لن تشارك المعارضة فيه.
– إذا عقد لودريان مؤتمراً صحافياً لكي يعلن حصيلة لقاءاته، ستمتنع المعارضة عن حضوره.
– أقصى ما توافق عليه المعارضة، عقد لقاءات ثنائية مع لودريان.
– إذا عُقدت لقاءات ثانية بين لودريان ومكونات المعارضة، فالتقى على سبيل المثال كتلة «القوات» ثمّ «الكتائب» ثمّ النائب أشرف ريفي ثمّ النائب وضاح الصادق فالنائب مارك ضو… فسيسمع الحديث نفسه والموقف نفسه من الجميع.