هذه التصريحات تقاطعت مع أجواء مصادر قصر بعبدا التي أوضحت لـ «المستقبل»، أن «الوثيقة تضع الأطر لعمل السلطتين التنفيذية والتشريعية لمرحلة ما بعد إقرار قانون الانتخاب، وبالتالي اللقاء الذي تم لا يشكل بديلاً من مجلسي النواب والوزراء، بل إن الرئيس عون أراد أن يلتقي رؤساء الاحزاب المشاركة في الحكومة والذين يمثلون في الوقت نفسه الأكثرية في المجلس النيابي، لوضع خطة عمل للمرحلة المقبلة، وبالتالي رئيس الجمهورية قدم ورقة متكاملة شكلت البيان وتم تبنيها بالاجماع مع بعض الاضافات ولم يتم رفضها من قبل أي طرف».
أضافت المصادر: «حصل نقاش بين المجتمعين حول الأمور الميثاقية التي هي ترجمة للدستور وخطاب القسم، لذلك كانت النقاط المطروحة متفاهماً عليها، كما شغل الشق الاقتصادي حيزاً من النقاش خصوصاً في المواضيع التفصيلية، وكان هناك إجماع على ضرورة الاهتمام بهذا الجانب لأن الناس تريد أن يكون التصدي لهذا الموضوع أولوية المسؤولين، لذلك كان التوافق على أن تعمل الحكومة ومجلس النواب على ترجمتها ومنها ملف النازحين».
ووصفت المصادر اللقاء بأنه «كان غاية في الهدوء بهدف الخروج بتصور واضح حول القضايا المطروحة، سواء في ما يتعلق بمهام الحكومة أو مجلس النواب كإصدار المراسيم التطبيقية للقوانين التي تم إقرارها أو العمل على إنجاز مشاريع القوانين الموجودة لديها، لأن وثيقة بعبدا هي خارطة طريق للمرحلة المقبلة وتتميز بأن هناك توافقاً من الأحزاب عليها، وبالتالي اللقاء نجح في الشكل والمضمون ويبقى السر في تجاوب القيادات مع هذه الوثيقة عملياً». ولفتت إلى أنه «لم يتم الاتفاق على وعد ثان للقاء، والدعوة إليه ستكون رهناً بالظروف الموجبة لذلك، كما أن رئيس الجمهورية لا يمانع الاجتماع بأي طرف سواء النائب فرنجية (إذا طلب ذلك) أو أي طرف من خارج الحكومة».
وشددت على أن «اللقاء هو رسالة بأن القرار في المؤسسات الدستورية، وأنه لا بد من ورشة عمل على الصعيد الحكومي والنيابي والاداري والاقتصادي».
أما داخل الجلسة، فأشارت مصادر المجتمعين لـ «المستقبل»، إلى أن «النقاشات إنقسمت إلى محورين: الشق السياسي المتعلق بإلغاء الطائفية السياسية، ومخاطر التوطين والتي تساوت مع النقاشات التي ركزت على ضرورة إنعاش الاقتصاد اللبناني، فتحدث وزير التربية مروان حمادة عن «ضرورة (تبريد) الأجواء السياسية والتركيز على أمور الناس»، ولاقاه في مطلبه النائب فرنجية الذي دعا إلى «الانصراف لمعالجة الشؤون الحياتية للناس وعدم البقاء أسرى العناوين السياسية الكبرى». وطرح وزير الدولة لشؤون مجلس النواب علي قانصو ضرورة تطبيق الدستور، «لأن ما تم تطبيقه إلى الآن هو البنود الطائفية، أما البنود الاصلاحية فتم وضعها في الأدراج، وأهم البنود الاصلاحية هي المادة 22 من الدستور وانتخاب مجلس نيابي غير طائفي، والمادة 95 التي تقول بضرورة تشكيل هيئة وطنية لإلغاء الطائفية السياسية»، معتبراً أنه «لو طبقنا البنود الاصلاحية منذ الطائف إلى الآن لكنا تجاوزنا الطائفية بنسبة كبيرة، لذلك لا نرى أنه يمكن حصول أي إصلاح إقتصادي أو إداري إذا لم نقم بإصلاح سياسي بوابته قانون إنتخاب يعتمد لبنان دائرة واحدة مع النسبية». وأيد «ما حملته الوثيقة من أفكار إصلاحية وإقتصادية وخصوصاً جعل الاقتصاد يقوم على الانتاج»، داعياً الحكومة إلى «التفاوض مع الحكومة السورية في ما يتعلق بملف النازحين السوريين». فرد جعجع بأنه «ضد التشاور مع النظام السوري بشأن النازحين، لأننا نعتبر أن في سوريا اليوم لا وجود لحكومة بل دول اسمها روسيا و ايران وتركيا والاردن».
أضاف: «أنا ضد المس بقاعدة العمل القائمة على التعددية الطائفية، وأرى أن النظريات شيء والواقع شيء آخر، وأقترح إسقاط الشق السياسي من الورقة لأن الناس ملت من السياسة وتريد الاهتمام بالطرقات والكهرباء والماء».
ولفتت مصادر المجتمعين إلى أن رئيس مجلس النواب نبيه بري بادر إلى القول عندها: «أوافق جعجع في ما يتعلق بطرحه التعددية وأنا مع الشق الاقتصادي في الورقة، أما إذا أردنا البحث في الشق السياسي فلنفعل ذلك تبعاً للتسلسل المدرج في الدستور، أي البدء بتطبيق إنتخاب مجلس نواب على أساس غير طائفي ثم إنتخاب مجلس شيوخ ومن ثم إلغاء الطائفية السياسية». أما رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري فركز في مداخلته على «أننا كحكومة جاهزين لمتابعة برامجنا الاقتصادية والإصلاحية التي كنا بدأنا فيها»، مؤيداً ما جاء في ورقة العمل الصادرة عن اللقاء. كذلك شدد رئيس كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب محمد رعد على «ضرورة التركيز على الملفات الحيوية التي تهم الناس مثل الكهرباء والمياه والتنقيب عن النفط»، فيما اعتبر النائب آغوب بقرادونيان أن «الطائفة الارمنية مغبونة في التركيبة الحالية وأن لا وظائف لها وترتيبها في مجلس الخدمة المدنية يأتي مع الاقليات»، مطالباً بـ «تصحيح هذا الامر».
تجدر الاشارة إلى أن ورقة العمل نصت على «استكمال تطبيق وثيقة الوفاق الوطني وبالاخص ايلاء العناية اللازمة بتثبيت اللبنانيين في أرضهم، ومنع التوطين وإقرار اللامركزية الادارية في أسرع وقت ممكن، واطلاق ورشة اقتصادية شاملة تتضمن ايضاً تأمين البنى التحتية وتحسينها من كهرباء ومياه، اضافة الى المحافظة على الثروة البترولية البحرية وتعزيز قطاع الاتصالات والمواصلات»، كما تضمنت الورقة «ضرورة اجراء اصلاحات في السياسة والمؤسسات والقضاء والاعلام والتربية».
(المستقبل)