على وقع التقدم الكبير الذي تُسجله المقاومة في جرود عرسال، بدأت الأوساط السياسية والعسكرية تُخطط لفتح معركة تحرير الجزء الشمالي من جرود عرسال، وجرود القاع، وجرود رأس بعلبك. إلا أنّ القيادة قد تؤول هذه المرة إلى الجيش اللبناني لا إلى حزب الله
تطور كبير شهدته جرود عرسال، بعد أن تمكن رجال المقاومة من تحرير 90% من الأراضي التي يحتلها تنظيم النصرة الإرهابي، ودخول المعركة ربع الساعة الأخير قبل الحسم، ميدانياً أو عبر المفاوضات. بالتزامن مع ذلك، برز أمس تطور لافت على المستويين السياسي والعسكري، يتمثل بانطلاق النقاش الجدي حول إمكان أن يخوض الجيش اللبناني، لا حزب الله، معركة تحرير الجزء الشمالي من جرود عرسال وجرود رأس بعلبك والقاع، التي يحتلها تنظيم داعش.
وبحسب مصادر عسكرية وأمنية وسياسية، فإنّ الموضوع كان مدار بحث بين الرئيس ميشال عون وقائد الجيش جوزف عون. وتُشير المصادر إلى أنّ المعنيين في الجيش، بدأوا التحضير كما لو أنّ المعركة ستحصل حتماً. باشرت القيادة وضع خطط الهجوم، ودراسة الاحتياجات اللوجستية، فضلاً عن البدء باستقدام تعزيزات إلى المنطقة. وفي هذا الإطار، نُقل أحد أفواج التدخل من الشمال إلى منطقة رأس بعلبك والقاع، لتعزيز القوات الموجودة أصلاً، بانتظار قرار القيادة.
وتلفت المصادر إلى أنّ قرار شنّ المعركة لتحرير الجرود من «داعش» سيحظى بموافقة جميع القوى السياسية. ومن ناحية قانونية ودستورية، لا تحتاج خطوة كهذه إلى قرار من مجلس الوزراء. ومن الصعب أن «يتجرأ» فريق سياسي ما على معارضة معركة تحرير الجرود، ولا سيما بعد أن أطلق حزب الله عملية تحرير جرود عرسال من «النصرة»، فبات من كان يُعارض هذا الأمر مُحرجاً، أمام اللبنانيين وما يُسمّى «المجتمع الدولي».
المفاوضات بين حزب الله و«النصرة»، تجريها المديرية العامة للأمن العام
وبالتالي، باتت القوى المعارضة سابقاً لتحرير الجرود «أسيرة» ما يُقرّره الرئيس عون والعماد عون. ولا يقدر هؤلاء السياسيون على رفع ورقة حماية المدنيين، لكون المنطقة التي يحتلها «داعش» بعيدة عن مخيمات النازحين وعن بلدة عرسال والقرى المجاورة، وبذلك، تنتفي القدرة على «التنقير» على الجيش. ولفتت المصادر إلى ما قاله رئيس الحكومة سعد الحريري من واشنطن، أنّه كان يُفضل لو خاض الجيش اللبناني وليس حزب الله معركة تحرير جرود عرسال. واعتبرت أنّ كلام الحريري يندرج في إطار التحضير لعملية ينفذها الجيش. في السياق نفسه، أتى كلام الوزير جبران باسيل، الذي قال: «تذكروا كم طالبنا في الحكومة السابقة أن يقوم الجيش بتحرير الجرود الشرقية. أتى العهد واستلمت القيادة وحان الأوان الذي لا تبقى فيه أرض محتلّة».
وتجدر الإشارة إلى أن العملية التي من المفترض أن يشنها الجيش ضدّ «داعش»، لا بُدّ وأن يواكبها تنسيق بين حزب الله والجيش السوري، خاصة أنّ المساحة التي يُسيطر عليها «داعش» مقسومة بالتساوي بين الأراضي اللبنانية والسورية.
وعلى الرغم من أنّ كلّ الدلائل تشير إلى أنّ ساعة تحرير الجزء الشمالي من جرود عرسال، وجرود القاع ورأس بعلبك، قد دنت، إلا أنّ ذلك لا يلغي احتمال نجاح المفاوضات مع «داعش»، في انسحاب مقاتليه باتجاه محافظة دير الزور السورية.
وفي جرود عرسال، علمت «الأخبار» أنّ المفاوضات بين حزب الله من جهة، و«النصرة» من جهة أخرى، تجريها المديرية العامة للأمن العام عبر وسيط سبق للمديرية أن اعتمدت عليه للتواصل مع «النصرة» في عدد من القضايا السابقة. وتتقدّم المفاوضات بشكل جدي، ولا سيما بعد التقدم الكبير الذي حصل في أيام المعركة الأربعة السابقة، واستُكمل أمس عبر تدمير المقاومة 3 آليات وقاعدة إطلاق صواريخ موجهة. وشنّ رجال المقاومة هجوماً أوقع عدداً من القتلى والجرحى في صفوف «النصرة». وأعلن الإعلام الحربي أنّه خلال تقدّم المقاومة «أصيب مسؤول عمليات النصرة في جرود عرسال عمار وردي».
ومن ناحية أخرى، نفت المقاومة الأخبار «التي تحدثت عن استهداف المدنيين في منطقة وادي حميد في جرود عرسال».
(الأخبار)