تساءلت صحيفة “واشنطن بوست” الأميركية عن كون غضب الرئيس الأميركي دونالد ترامب، على نظام بشار الأسد، سيتحول إلى فعل جوهري عقب الهجوم الكيمياوي على خان شيخون في إدلب.
وأشارت الصحيفة إلى أن ما جرى في سوريا يمثل أول اختبار وتحدّ حقيقي لإدارة ترامب وسياسته الخارجية، خاصةً وأن سيد البيت الأبيض الجديد كان قد رفع شعار “أميركا أولاً”؛ غير أن التصريحات الصادرة منه عقب الهجوم، كانت ذات نبرة عالية ومختلفة كثيراً عما سبقها من تصريحات تجاه النظام السوري والوضع في سوريا بشكل عام.
وكان ترامب قد أصدر بياناً، الأربعاء، حول المجزرة التي وقعت في خان شيخون، واصفاً إياه بـ”الهجوم الوحشي والمروع من قبل نظام بشار الأسد ضد الأبرياء بمن فيهم النساء والأطفال الصغار”.
ورداً على سؤال حول ما إذا كان يعتبر ما جرى تجاوز الخط الأحمر، قال ترامب إن “النظام السوري تجاوز الكثير من الخطوط الحمر”.
ورغم الحديث الصريح الذي أدلى به ترامب وموقفه من هجوم خان شيخون، فإن الهجوم يمثل مشكلة خاصة لفلسفة ترامب وسياسته الخارجية، صحيح أن الهجوم من وجهة نظر ترامب يسيء إلى قيم أميركا وينتهك قواعد السلوك الدولية، بحسب الصحيفة، إلا أنه لا شكل تهديداً مباشراً لأمن أميركا ومصالحها الاقتصادية.
وقال ترامب خلال لقائه بالعاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، في البيت الأبيض، أن الصور التي شاهدها في التلفزيون، تجبره على إعادة النظر في بعض الأفكار الأساسية التي كان يراها حول دور الولايات المتحدة في العالم.
وتقول الصحيفة إن السؤال الأكبر الآن: “إلى متى يستمر شعور ترامب بالغضب؟ وهل سيؤدي هذا الغضب إلى عمل جوهري؟”.
ويقول كوري شيك، الباحث في جامعة ستانفورد ومسؤول سابق في إدارة جورج بوش، إن الرئيس أدلى ببيان حول الأسد مغاير بنسبة 180 درجة عن سياسته الفعلية، وربما يكون هذا البيان سقطة من قبل الرئيس الذي يستجيب بسرعة للاستفزاز؛ وبالتالي فإنه قد لا يكون موقفاً لسياسته على المدى البعيد.
قبل أقل من أسبوع من الهجوم بالأسلحة الكيمياوية، قال وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون، وأيضاً سفيرة الولايات المتحدة في الأمم المتحدة، نيكي هالي، إن إدارة بلادهم ستولي أهمية أكبر على محاربة تنظيم الدولة، ولم تعد مسالة إزاحة الأسد تتصدر اهتمامات واشنطن.
وفي أعقاب الهجوم الكيمياوي مباشرة، ألقى الرئيس ترامب باللوم على سلفه باراك أوباما، “الذي وضع خطوطاً حمراء للنظام السوري، إلا أنه لم ينفذها عندما تجاوز هذا النظام تلك الخطوط”، واعتبر بيان ترامب عقب الهجوم مباشرة أنه “يمثل نتيجة مباشرة لضعف أوباما”.
وكانت الإدارة الأميركية عقب مجيء ترامب إلى البيت الأبيض قد وعدت بإجراء مراجعة شاملة لسياساتها في كل من العراق وسوريا، وقد أوكلت المهمة إلى وزير الدفاع جيمس ماتيس، كما يجري حالياً استعراض مماثل لسياسة أميركا تجاه كوريا الشمالية التي أعلنت عن إطلاق صاروخ باليستي متوسط المدى.
وفيما إذا كان ما ورثه ترامب من حقبه سلفه أوباما قد يجعله يغير نظريته “أميركا أولاً” نحو سياسة خارجية تقليدية، فالأمر على ما يبدو بحاجة إلى عدة أشهر، فترامب أظهر ميلاً واضحاً نحو تغيير معايير السياسة الخارجية الأميركية، فهو على سبيل المثال أبدى تأييداً واضحاً للأنظمة الشمولية المستقرة على حساب نشر الديمقراطية، كما كان ذلك واضحاً خلال استقباله للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، “رغم ملف الانتهاكات الصارخ في مصر وقيادة السيسي لحملة قمع وحشية ضد معارضيه”، بحسب الصحيفة.
وفي السياق، تقول “واشنطن بوست”، إن الهجوم الذي وقع في سوريا سيؤدي إلى مزيد من المسؤولية الأخلاقية لدى ترامب باعتباره زعيم القوة العظمى الوحيدة في العالم.
وتقول دانيال بليتكا، نائبة رئيس معهد المشاريع الأميركية: “مازلت أحاول أن أفهم تصريحات البيت الأبيض حيال ما جرى في سوريا، هل هي مجرد تصريحات وخطابات أم أن هناك تغيير فعلي في موقف ترامب؟”.
ويرى محللون أن هذا الارتباك الذي بدأ به البيت الأبيض عقب الهجوم الكيمياوي في سوريا، يدل على أن إدارة ترامب لم تقرر إلى الآن ما عليها فعله، كما أن هناك رغبة داخل أجنحة في البيت الأبيض بضرورة مراجعة معايير السياسة الخارجية.
وتشير الصحيفة إلى أن ترامب ترك الباب مفتوحاً حيال ما يمكن أن يفعله، سواء في سوريا، أو حتى في كوريا الشمالية، حيث قال: “لن افصح عما سأقوم بفعله، ولكني أقول أن العالم فوضى، ورثت الفوضى”.
(الخليج أونلاين)