صحيح أن اللبنانيين جميعا يشاركون الجيش اللبناني فرحته في عيده، ويعبرون عن ذلك بالأغاني الوطنية أو عبر مواقع التواصل الاجتماعي، لكن هذا لا يعوض الفراغ الذي تركه إلغاء خدمة العلم والتجنيد الاجباري، بموجب قانون أقره نواب الأمة في كانون الثاني 2005 ودخل حيز التنفيذ في شباط 2007، وألغيت بموجبه هذه المبادرة التي رمى أصحابها إلى دفع الشباب إلى الانخراط الفاعل في الحياة العسكرية، والتعرف إلى ما تواجهه المؤسسة العسكرية وضباطها وجنودها الأبطال من أخطار لا يخشون الوقوف في وجهها في الميدان ذودا عن الوطن، وإن كان هذا الخيار يكلف تضحيات بالدماء والأرواح.
لا يشك أحد في أن إقرار هذا القانون- الذي لا يزال ساري المفعول ما دام أي قانون آخر لم يسنّ لإلغاء مفاعيله- حرم عددا من الشباب فرصة الانضمام الرسمي إلى الجيش اللبناني والقتال في صفوفه، أو على الأقل، القيام بمهمات ذات طابع إداري قد يكون في حاجة إليها. غير أن الأهم، وربما الأخطر، قد يكون كامنا في أن هذا النص التشريعي شرّع الأبواب على أولويات أخرى لدى شباب ما عاد هذا الوطن، في وضعه المأزوم راهنا على الأقل، على صورة طموحهم وأحلامهم.
وتشير مصادر مراقبة عبر “المركزية” إلى أن الانتماءات الحزبية والطائفية باتت على رأس سلم الأولويات هذا، على حساب الولاء للوطن، الذي من المفترض أن يكون خطا أحمر لا يتجاوزه أي سجال سياسي أو طائفي.
غير أن المصادر نفسها تسارع إلى الاشارة إلى أن الانتماء إلى حزب معين ودعم خطابه السياسي والعمل بهدي أفكاره ليس خطأ، تماما كما هي الحال في ما يتعلق بالانتماء الطائفي والديني. غير أنها تنبه إلى أن الخطر يكمن في الظاهرة المخيفة التي يشهدها المجتمع اللبناني، القائم أصلا على التعددية الحزبية والسياسية، حيث أن عنصر الشباب ينخرط بقوة في النقاشات ذات الطابع السياسي. غير أن مواقف البعض منهم تعكس أولوية الدفاع عن الاقتناعات الحزبية والانتماءات الطائفية، وهو ما ترى فيه المصادر نتيجة مباشرة لغياب التنشئة الوطنية التي يزرعها الجيش في نفوس الشباب.
أمام هذه الصورة، علمت “المركزية” أن بعض القوى السياسية يبذل مساعي حثيثة في سبيل إعادة العمل بقانون التجنيد الاجباري وخدمة العلم، في ظل الأحداث المتسارعة، التي لا تنفك تبين مدى الحاجة إلى تعزيز الوحدة الوطنية ورص الصفوف بين اللبنانيين، وتنمية روح الانتماء الى الوطن قبل اي شيء آخر.
“المركزية”