يبدو أن الحكومة اللبنانية قررت اتخاذ خطوات عملية باتجاه خصخصة عدد من المرافق العامة، وبالتالي تنفيذ تعهداتها في هذا المجال في مؤتمر «سيدر» والبيان الوزاري، وهو ما بدا واضحا من مقاربة رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري أخيرا لملف مرفأ بيروت وخفض الدين العام.
ولا تعارض أي من القوى السياسية خصخصة الإدارة في مرافق الدولة، أقله بالعلن، باعتبار أن أياً منها لم يعترض على ما ورد في هذا السياق في الورقة التي اتفق عليها خلال اجتماع بعبدا الأخير الذي جمع القادة السياسيين وتم خلاله إعلان حالة الطوارئ الاقتصادية.
وتلحظ الخصخصة التي يمكن أن تكون جزئية أو كاملة، نقل الملكية العامة إلى الملكية الخاصة ونقل إدارة الخدمة أو نشاط ما من القطاع العام إلى القطاع الخاص. ويصر الخبراء على توضيح الفرق بين خصخصة الأصول أي بيع ممتلكات الدولة، وهو ما لا يؤيدونه، وخصخصة الإدارة أي تسليم إدارة المرافق إلى القطاع الخاص.
ولن يكون السير بمبدأ الشراكة بين القطاعين العام والخاص جديدا على اللبنانيين الذين عايشوه في قطاع الاتصالات والنفايات والكهرباء والمعاينة الميكانيكية وغيرها من المؤسسات، والذي لم يشكل «تجربة يُعتز بها» بحسب الوزير السابق فادي عبود والخبير الاقتصادي البروفسور جاسم عجاقة اللذين يصران على وجوب السير بخصخصة «شفافة» بخلاف ما كان يحصل من خلال تأمين عدد من الشروط.
وكانت الحكومة اللبنانية لحظت في الخطة التي عرضتها على الدول المانحة في مؤتمر «سيدر» مشاريع بقيمة 7.5 مليار دولار لتنفيذها بالشراكة مع القطاع الخاص، لزيادة حماسة هذه الدول على منحها الأموال والمشاريع اللازمة، وأصدرت أخيرا المراسيم التطبيقية لقانون الشراكة بين القطاعين العام والخاص الذي أُقر في العام 2017.
ويعتبر الوزير السابق فادي عبود أن الخصخصة ستدر ما بين 30 و40 مليار دولار إلى خزينة الدولة في حال تم اعتمادها في عدد من المرافق كالمطار والمرفأ والاتصالات وشركة «ميدل إيست» وقطاع التعليم وغيره، لافتا إلى إمكانية منح الشركات الخاصة إمكانية إدارة هذه المرافق لـ10 أو 20 أو 30 سنة، على أن يتحدد ذلك تبعا لما إذا كان مطلوباً من المستثمر إنشاء بنى تحتية. ويشير عبود في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «توجه المسؤولين الحاليين هو لإبقاء النسبة الأكبر من الإدارة بيد الدولة أي 51 في المائة، وهو ما سيكون على مجلس الوزراء أن يقرره في نهاية المطاف، علما بأن ذلك غير مستحب لأن المواطن لن يشعر حينها بالثقة بأن يستثمر في هذه المرافق عوضا عن وضع أمواله في المصارف لأنه اختبر الإدارة الفاشلة للدولة لكل القطاعات»، مضيفا «حان الوقت لنضع حدا لإدارة الدولة مثلا للمطار والمستشفيات والاتصالات… كل بلدان العالم تتجه إلى الخصخصة، فبعد الولايات المتحدة الأميركية اتجهت بريطانيا وألمانيا نحو الخصخصة وحتى تم اعتماد خصخصة السجون».
(الشرق الاوسط)