جريدة الكترونية تأسست
1/1/2015
الرئيسية / أبرز الأخبار / هل تتخيلون أنَّ بلدًا يدخل العتمة الشاملة في ٢٠٢٤؟ إلى أي مستوى وصل فيه الفساد والسرقة إذًا؟!
328318Image1-1180x677_d

هل تتخيلون أنَّ بلدًا يدخل العتمة الشاملة في ٢٠٢٤؟ إلى أي مستوى وصل فيه الفساد والسرقة إذًا؟!

خاص Lebanon On Time _ خالد أبو شام

تتفاقم أزمة الكهرباء بشكلٍ مستمر في لبنان لتصبح رمزًا لفشل الطبقة السياسية في إدارة شؤون البلاد وتوفير الخدمات الأساسية للمواطنين إذ يعاني اللبنانيون منذ عقود من انقطاع مستمر للكهرباء، ولكن في السنوات الأخيرة ومنذ ثورة ١٧ تشرين باتت ساعات التقنين طويلة جدا بشكلٍ يعطل حياتهم اليومية ويؤثر سلباً على مختلف جوانب الاقتصاد والحياة الاجتماعية، تمهيدًا لانقطاع الكهرباء بشكل كلّي بعزّ الحرِّ منذ بداية الصيف من العام الحالي، حيث خرجت جميع المعامل عن الخدمة ودخل البلد دوامة الظلمة الشاملة حتى في المطار والمرفأ وغيره من المرافق الحيوية.

تتحمل الطبقة السياسية اللبنانية على اختلاف أطيافها وانتماءاتها المسؤولية المباشرة في تدهور وضع الكهرباء في البلاد، فهذه الأزمة ليست وليدة اللحظة، بل هي نتاج سنوات من الفساد وسوء الإدارة وعدم الكفاءة، فبدلًا من أن تعمل هذه الطبقة على وضع حلول جذرية للأزمة، استمرت في تجاهلها، متسببة في إرهاق المواطنين والاقتصاد على حدٍ سواء.

تتعدد الأسباب وراء أزمة الكهرباء، ولكنها كلها متجذرة في الفساد المستشري في المؤسسات المعنية بإدارة قطاع الكهرباء، والسبب الرئيسي في ذلك هم السياسيون المتورطون في المحاصصات وتقاسم النفوذ بين الأطراف المختلفة، فقد أفسدوا أي محاولات جدية لإصلاح هذا القطاع الحيوي، فالعقود المشبوهة، والمشاريع المتعثرة، والمحطات التي لم تُنجز، كلها دلائل على فشل ذريع يُسأل عنه كل مسؤول أسهم بشكل مباشر أو غير مباشر في تعميق هذه الأزمة.
ثم ثانيا تقع المسؤولية على بعض الفئات من الشعب اللبناني التي تنتهج سرقة الكهرباء بأساليب متنوعة، وتمتنع عن دفع الفاتورة وهذا من جملة ما يؤدي إلى العجز الحالي في قطاع الكهرباء، فصحيح أن المسؤولين فاسدون ولكن يشاكلهم قسم من الشعب كذلك بالفساد والسرقة وتدهور الحياة إن كان بالتبعية العمياء التي تنتج لنا نفس المنظومة بإعادة انتخاب نفس الأشخاص، أو بالأعمال المخلّة التي يعود ضررها على الشأن العام كله.

إن انقطاع الكهرباء بشكل مستمر لا يقتصر على إزعاج يومي بسيط، بل يمتد تأثيره ليشمل جوانب كثيرة من حياة المواطنين، فقد تضررت الأعمال، وتوقفت مضخات المياه، وأُعيقت الدراسة، وزادت معاناة المستشفيات والمؤسسات الحيوية الأخرى، وبات يشعر المواطن اللبناني العجز والإحباط إزاء الطبقة السياسية التي يُفترض أن تكون خادمةً للشعب، لا عبئًا عليه.

لم يعد من المقبول أن يستمر هذا الوضع دون محاسبة حقيقية للمسؤولين عنه، إذ يجب على الحكومة والمجتمع المدني التحرك الفوري للمطالبة بمحاسبة كل من تورط في هذه الأزمة، سواء كانوا مسؤولين حاليين أو سابقين، بالإضافة إلى ذلك، يجب وضع خطة شاملة لإصلاح قطاع الكهرباء، تعتمد على الكفاءة والنزاهة في إدارة الموارد، بعيدًا عن التدخلات السياسية التي أفسدت كل شيء.

في النهاية، لا يمكن تحقيق أي تقدم حقيقي في لبنان دون تغيير جذري في الطبقة السياسية التي أظهرت عجزها وعدم استعدادها لتحمل المسؤولية، والكلام وحده بات لا يكفي، بل يجب أن يُترجم إلى أفعال ملموسة تضمن تحسين حياة المواطنين وتؤسس لمرحلة جديدة من الحكم الرشيد والشفافية في إدارة شؤون البلاد.