بدأت القوى السياسية تشغيل محرّكاتها الإنتخابية بأقصى طاقاتها في كافة المناطق اللبنانية، كما في بلدان الإغتراب حيث تنشط بعض القوى، وفي مقدّمها “التيار الوطني الحر”، الذي يقود حملة اقتراع اللبنانيين المقيمين في الخارج، وإن كانت أرقام المسجّلين للإقتراع في الخارج لم تتجاوز عتبة التسعين ألفاً.
وفي هذا السياق، فإن ماكينة “التيار الوطني الحر” المحلية، كما الإغترابية، لا تهدأ، وإن كان “التيار الوطني” يخوض الإستحقاق الإنتخابي النيابي وفق تحالفات مستجدّة ومتناقضة وتجمع الأضداد في لوائح ائتلافية، كما تلاحظ أوساط سياسية مواكبة للحراك الإنتخابي لـ “التيار الوطني الحر” في أكثر من دائرة إنتخابية.
وأهم ما يتوقّف عنده “التيار البرتقالي” في معاركه السياسية التي يخوضها في الداخل كما في الخارج، هو تثبيت الحضور بعد غياب، ومواجهة معارضين شرسين سواء على الساحة المسيحية، أو على الساحة الدرزية، أو على الساحة الشيعية، كما تكشف الأوساط المواكبة نفسها، والتي توقّعت احتدام المواجهات مع اقتراب الموعد المنتظر في 6 أيار المقبل، لا سيما وأن المعركة الحقيقية بدأت تدور داخل اللوائح التي نجح “التيار الوطني الحر” في تشكيلها رغم العقبات الكبيرة التي واجهتها قيادته خلال الأسابيع الماضية، نتيجة تفجّر الخلافات بينه وبين حركة “أمل” في الدرجة الأولى، وهو الأمر الذي حال دون أن يتّفق “التيار الوطني” مع حليفه في ورقة التفاهم “حزب الله”، بعدما كان يراهن في السابق على دعم الحزب في الإنتخابات النيابية، ولكن هذا الأمر لم يترجَم على مستوى التعاون في الدوائر الإنتخابية، باستثناء دائرة المتن الجنوبي، حيث التقى كل من الحزب مع حركة “أمل” و”التيار الوطني” في جبهة واحدة في مواجهة “القوات اللبنانية” والحزب التقدمي الإشتراكي وقوى سياسية ومدنية مستقلة في هذه الدائرة.
وتستغرب هذه الأوساط، استمرار تداعيات الخلاف السياسي في الميدان الإنتخابي، وتتخوّف من أن يبقى هذا الإحتقان سائداً على الساحة السياسية، وذلك بعدما انكسرت الجرّة بين حلفاء الأمس، وذلك على الرغم من الأجواء الإيجابية التي ما زالت تسجّل بين قصر بعبدا وعين التينة من جهة، وبين “التيار الوطني الحر” و”حزب الله” من جهة أخرى. وتوضح الأوساط نفسها في هذا المجال، أن “التيار الوطني” هو أقرب إلى “حزب الله” رغم محدودية التعاون الإنتخابي بينهما، والمواجهة المرتقبة خصوصاً في دائرة بعلبك ـ الهرمل، ولكنها تستدرك مشيرة إلى أن “حزب الله” يطرح استراتيجية إنتخابية مغايرة لاستراتيجية قيادة “التيار الوطني الحر”، إذ في الوقت الذي اختارت فيه هذه القيادة المنافسة تبعاً لجمع التناقضات والخصوم إلى جانب الحلفاء في بعض اللوائح، فإن “حزب الله” يرفض أي عمليات إلغاء لحلفائه المسيحيين لمصلحة حليف واحد دون غيره، حتى ولو كان هذا الحليف هو “التيار البرتقالي”.
ولذلك، ترى الأوساط ذاتها، أن الإتفاق على مواجهة معارضي “حزب الله” وخصومه مثل “القوات اللبنانية” و”المستقبل” في الإنتخابات النيابية، لا يعني في الضرورة أن يوافق الحزب على إخلاء الساحة المسيحية من خصوم “التيار الوطني الحر”، سواء في الجبل أو في الشمال أو في أية مناطق أخرى، ولذلك، فهو سيلعب ورقة توزيع الأصوات التفضيلية لناخبيه في كل الدوائر الإنتخابية التي يمتلك فيها وجوداً فاعلاً، بطريقة لا تؤدي إلى إضعاف الأطراف المسيحية الأخرى لمصلحة “التيار الوطني الحر”، وبشكل خاص وزير الخارجية جبران باسيل.
(الديار)