احتفل السوريون على مختلف انتماءاتهم السياسية، ببلوغ منتخب كرة القدم الملحق الآسيوي واحتفاظه بفرصة بلوغ كأس العالم لكرة القدم للمرة الأولى في تاريخه، بعد تعادله مع ايران امس 2-2.
وتعادلت سوريا مع مضيفتها ايران في الجولة الأخيرة من التصفيات الآسيوية المؤهلة لمونديال 2018 الذي تستضيفه روسيا. وعلى رغم أن سوريا التي تعاني منذ أعوام من نزاع دام أودى بأكثر من 330 ألف شخص، كانت قريبة من التأهل مباشرة في حال فوزها على ايران.
وفور انتهاء المباراة امس، عمت الاحتفالات دمشق ومدن أخرى على وقع الهتافات الداعمة للمنتخب، وغصّت المقاهي والساحات العامة بالمشجعين الذين حملوا الاعلام السورية، بينما ضاقت الشوارع بالمواكب السيارة مترافقة مع بث الأناشيد والاغاني الوطنية.
ونقلت وكالة الصحافة الغرنسية عن يارا حنا (35 سنة) التي تابعت المباراة مع زوجها وابنتها في أحد مقاهي دمشق القديمة قولها “أشعر بفرح لا يوصف وآمل في ان يبقى رأس سوريا مرفوعاً”.
وانتظرت يارا التي لفت عنقها بعلم سوريا انتهاء المباراة لقطع قالب حلوى مع عائلتها، موضحة “أحتفل بنصر سوريا وبعيد ميلاد ابنتي”.
وقال العسكري في الجيش السوري سعيد عريجي (34 عاما) للوكالة “فرحون بالمستوى الجيد الذي قدمه منتخبنا على ارض ايران”.
أضاف الجندي الذي ارتدى بنطالا عسكريا وقميصا للمنتخب “على رغم اننا في السياسة حلفاء مع ايران لكن هذه كرة قدم. هم أعطوا افضل ما عندهم ونحن كنا نداً للند معهم على ارضهم”، وتابع “الحمدلله ما زال لدينا أمل للتأهل”.
ووفقا للوكالة، قبل ساعات من موعد المباراة، خلت شوارع دمشق بشكل شبه كامل من حركة المارة والسيارات، وأغلقت معظم المحال والمتاجر أبوابها، وغصت المقاهي والمطاعم بروادها.
وافترش آلاف السوريين بعض الحدائق العامة التي وضعت فيها شاشات ضخمة لمتابعة المباراة وسط اجراءات أمنية مشددة.
في حديقة الجلاء على اوتوستراد المزة بغرب دمشق، تجمع أكثر من ثلاثة آلاف شخص، ارتدى عدد كبير منهم القمصان الحمراء والبيضاء تشجيعاً لمنتخبهم.
وتكرر المشهد في ساحة الأمويين بغرب دمشق حيث افترش المشجعون الأرض أمام شاشة عملاقة، ومنهم أمجد الحريري (23 عاما) الطالب في اختصاص التجارة والاقتصاد.
وقال الحريري: “من الجميل جداً رؤية سوريا كلها يداً واحدة وما زالت بخير، خصوصاً اننا انتصرنا اليوم في دير الزور” في اشارة الى فك الجيش السوري، الحصار الذي فرضه تنظيم الدولة الاسلامية على المدينة الواقعة بشرق البلاد منذ مطلع 2015.
ونقلت القنوات السورية المباراة مباشرة على الهواء. وخصص التلفزيون الرسمي بثا مباشراً من الساحات العامة والمقاهي في دمشق وحمص (وسط) وحلب (شمال) وطرطوس (غرب).
وللمرة الأولى منذ اندلاع النزاع في آذار 2011، نجحت كرة القدم موقتا في توحيد السوريين المقيمين في مناطق سيطرة القوات الحكومية او في مناطق تواجد الفصائل المعارضة أو الجهادية.
داخل احدى مزارع الغوطة الشرقية لدمشق الواقعة تحت سيطرة الفصائل المعارضة، تابع شبان عاشقون لكرة القدم المباراة سويا.
وقال أبو بدر (30 عاما) “كنا نتمنى أن يفوز المنتخب بالتأكيد حتى لو ان هناك معارضة ونظام، لكنه فريق يمثل كل سوريا ونأمل ان يفوز في الملحق ليتأهل الى كأس العالم”.
وأوضح الشاب الذي يزاول هواية كرة القدم: “اشجع المنتخب منذ زمن.. فريق ايران يعد قوياً وسوريا أدت أداء ممتازاً”.
وعلى رغم تأييده للمعارضة، لكن المنتخب بالنسبة الى الشاب هشام صفايا (28 عاما): “يعبر عن سوريا كلها رغم المشاكل الحاصلة”، آملا في ان “نتأهل لكأس العالم وتكون فرحة كبيرة لنا ولسوريا كلها”.
ويوضح “رغم المشاكل فإن تأهل المنتخب السوري سيعد مسألة كبيرة جداً ويظهر للعالم اننا لسنا شعباً ارهابياً”.
وفي شمال غرب سوريا، اعرب الشاب عمر حاج حمدان (21 عاما) المقيم في مدينة بنش في محافظة إدلب التي تسيطر على معظمها فصائل مسلحة، عن سعادته بنتيجة المباراة التي تابعها مع اصدقائه في محل مخصص لبيع المثلجات.
وقال لوكالة “الصحافة الفرنسية”: “سعيدون جداً اليوم ونعتبر هذا التعادل بطعم الفوز”، مشددا على ان “لا علاقة للرياضة بالسياسة، ومن يقول انه لا يشجع المنتخب لانه تابع لبشار فهذا ليس بكلام”.
وأضاف: “المنتخب يلعب تحت اسم سوريا وليس بشار”، إلا ان آخرين رفضوا الفصل بين السياسة والرياضة.
ويقول أحمد عنداني (23 عاما) الذي لم يتابع المباراة: “المنتخب يمثل نظامه، والعلم الذي رفع على صدورهم يعبر عن النظام وكان مرفوعاً في أيام المعارك”، مضيفا لفرانس برس “نحن ضد هذا المنتخب”.
(وكالات)