قبيل إعلان وزارة المالية عملية المقايضة مع مصرف لبنان بقيمة 5.5 مليارات دولار كافية لتمويل استحقاقات هذا العام، عقد اللقاء الشهري بين حاكم مصرف لبنان رياض سلامه وجمعية مصارف لبنان يوم الخميس الماضي حيث تناول البحث، كالعادة، التطورات النقدية والمصرفية، فيما كان ملف المصارف المتواجدة في العراق موضوعاً طارئاً بطلب من المصارف العاملة هناك وعددها عشرة، حيث كان التوافق على تريثها قبل اتخاذ أي قرار بالانسحاب من السوق العراقية أو البقاء فيها.
كما جاء اللقاء الشهري بعد يوم على إصدار جمعية المصارف بياناً صحافياً ابدت فيه ارتياحها لاتمام الإستحقاق النيابي في أجواء أمنية هادئة. فيما كان لافتاً اثارة البيان مسألة «تحمّل الشعب اللبناني أعباء ضريبية جديدة وكبيرة في سبيل تقوية الدولة بجميع وظائفها»، وتجديد التأكيد على التزام القطاع المصرفي اللبناني تطبيق قواعد الإمتثال والشفافية تحت سقف السلطات النقدية والرقابية الرسمية، والحرص على أدائه المعهود والمتميّز بحسن إدارة المخاطر وباحترام قواعد العمل المصرفي الدولي بصورة دقيقة. وهو تأكيد جاء بعد يوم على إعلان «مركز استهداف تمويل الإرهاب» عقوبات ضد أعضاء في مجلس الشورى ونافذين في «حزب الله» بالتزامن مع عقوبات فرضتها على ثلاث دفعات في أقل من أسبوع وزارة الخزانة الأميركية على داعمين وممولين لـ«حزب الله». وتوقعت مصادر لـ«المستقبل» حصول مضايقات بسبب أحد المصارف الذين تمت تسميتهم من وزارة الخزانة كونه أودع أموالاً لصالح «حزب الله».
بالعودة إلى اللقاء الشهري، فقد كشفت مصادر أن سلامه أبلغ المصارف بأن مصرف لبنان على وشك إنجاز عملية مقايضة مع وزارة المالية، بحيث تصدر الأخيرة سندات يوروبوندز بقيمة 5.5 مليارات دولار على 10 سنوات أو 15، يسددها مصرف لبنان بسندات خزينة بالليرة، وسيبيع المصرف المركزي ما قيمته نحو ملياري دولار من هذه السندات في الاسواق العالمية بشكل تدريجي خلال 12 شهراً على أن يحتفظ بما تبقى في محفظته. علماً أن الدولة لن تصدر المزيد من السندات هذا العام على أن يتم سداد استحقاق شهر حزيران المقبل.
وتبلغ استحقاقات العام 2018، ما قيمته 3 مليارات و994 مليون دولار وفق الأرقام الرسمية الصادرة عن وزارة المالية.
وكان تراجع أسعار سندات اليوروبوندز الأسبوع الماضي إلى أدنى مستويات لها منذ أزمة استقالة رئيس الحكومة سعد الحريري في تشرين الثاني الماضي، مدار نقاش أيضاً خلال اللقاء، حيث أوضح سلامه أن تقلبات الأسعار مرده إلى التغيير الذي طرأ على بنية المحافظ في الأسواق الناشئة حيث لم يعد مردودها يعكس حقيقة المخاطر نتيجة تخطي المردود على السندات الأميركية فئة العشر سنوات معدل 3 في المئة. لذلك، شهدت صناديق الاستثمار للدول الناشئة سحوبات للذهاب إلى الأسواق ذات المخاطر الأقل.
وبحسب ما قاله سلامه، فان سندات اليوروبوندز اللبنانية سجّلت مناعة أفضل من العديد من الدول الناشئة، لأن أزمة السندات لدى هذه الدول ترافقت مع تقلبات في أسعار صرف عملاتها.
يذكر أن سندات اليوروبوندز تراجعت الأسبوع الماضي بما يصل إلى 2.745 سنتاً لتسجّلَ أدنى مستوياتها في أشهر. وتكبّدت سندات بقيمة مليار دولار تستحق في العام 2022 أشدّ الخسائر، إذ هوت إلى 90.66 سنتاً.
واعتبر سلامه أن مستوى الفوائد على اليوروبوندز اللبنانية واقعية رغم أن بعض المختصين كمصرف «غولدمان ساكس»، يعتبرون أنه يمكن توقع فوائد أدنى على السندات اللبنانية بمعدل 1 في المئة أو حتى 1.5 في المئة استناداً إلى النماذج المعتمدة للتوقعات الخاصة بها.
كما رأى سلامه أن التطورات في المنطقة أثّرت بدورها على القابلية لاقتناء سندات اليوروبوندز، وقد زادت بعض دول المنطقة المردود على سنداتها، بينما لم تستطع أخرى أن تقترض بالفوائد التي تريدها.
وأشار سلامه أيضاً إلى أن مصرف لبنان يعمل على تغيير الإطار القانوني الذي يرعى إصدارات شهادات الإيداع بالعملات الأجنبية يحث تعطى القوة الإبرائية الخارجية، ما يسمح للمصارف التي ترغب في بيعها للحصول على سيولة مقابلها ما يجعل القطاع يرتاح وكذلك المصرف المركزي.
وأبلغ سلامه المصارف بأن الوضع طبيعي في سوق القطع، وأن الليرة تشهد استقراراً مرشحاً للاستمرار، وأن السيولة بالليرة منظمة بشكل مريح للأسواق والمصارف.
(المستقبل)