أبو الفقراء، أبو علي، روبن هود، ابن المقاومة… وغيرها أسماء كثيرة تُنسب اليه، وألقاب متعددة تُلصق بشخصيته وسط قبول كبير منه، لكن الحقيقة واحدة، هو نوح زعيتر تاجر المخدرات الفارّ من وجه العدالة والمُحصّن برجال مطلوبين للدولة، الخاضع لحماية أصحاب الدويلات الخاصة.
أثارت الصور ومقاطع الفيديو التي عرضها تاجر المخدرات نوح زعيتر على صفحته الخاصة عبر موقع التواصل الاجتماعي «فايس بوك» خلال اليومين الماضيين، موجة من الإنتقادات وسط تساؤلات كثيرة عن الجهة التي يحتمي هكذا «تاجر» في ظلها، خصوصاً وأن هناك أكثر من خمسين مذكرة توقيف صادرة بحقه. مع العلم أن إطلالته هذه لم تكن الأولى ولن تكون الاخيرة، فقد سبق له أن نشر العديد من صوره يتوسط خلالها قادة وعناصر من «حزب الله» في منطقة القلمون وتحديداً داخل مراكز عسكرية.
ولاحقاً، ظهر زعيتر في برنامج تلفزيوني ضمن خطة مرسومة بدت وكأنها محاولة لإظهاره بشكل مُختلف عن حقيقته كتاجر مُخدرات مسؤول عن ضحايا عسكريين ومدنيين وعن فلتان أمني وعن تهريب كميّات كبيرة من المخدرات من بينها حبوب كابتاغون، واصفاً نفسه بـ «أصل المقاومة» وبأن السيد حسن نصرالله طلب منهم الخروج والدفاع عن أنفسهم في وجه تنظيم «داعش» و«نحنا قمنا بالواجب». ويذهب زعيتر الذي يصف نفسه بإبن «بيئة المقاومة» إلى حد الهذيان من جرّاء نوعية التجارة التي يُمارسها من خلال قوله «إن الله بشرني بالجنة». وبعدها يعود إلى بيان «حزب الله» القديم الذي تم خلاله التبرؤ منه، فيقول «هذه مناوشات داخل الحزب بين جهة وجهة». ومن جملة اعترافاته أنه قاتل ومرافقيه في مدينة «الزبداني» إلى جانب مقاتلي الحزب قبل أن يُطلب منهم الإنسحاب لاحقاً بعد ان شارفت على السقوط بشكل كامل.
وللتذكير، فيوم عرض تاجر المخدرات صوره وإلى جانبه قادة من «حزب الله»، سارعت قيادة الحزب إلى إصدار بيان تبرأت فيه من زعيتر وأشارت إلى أن «هذه الصور ليست في مواقع تابعة لمجاهدي المقاومة الإسلامية ولا مع مجاهدي حزب الله، ولا علاقة لحزب الله بها لا من قريب ولا من بعيد». نوح زعيتر عاد ليرد على الحزب بصور أخرى تُظهره وهو يقف إلى جانب مسؤول قطاع بعلبك في «حزب الله» القائد العسكري حسين نصرالله مع كلام جاء فيه «كل العالم تذهب الى حيث المقاتلين وينشرون صورهم ولا يتكلمون ولماذا الآن ينفون وجودي هناك؟.. أنا وعائلتي وأولادي فدا المقاومة ورهن إشارة سيد المقاومة ونحن مقاومة وأشرف من الجميع وفشر أن ينعتني أحد بتاجر مخدرات». وفي معرض تكذيبه للبيان قال «روبن هود» العصر: «أنا واثق أن بيان النفي ليس صادراً عن حزب الله وغداً ستتأكدون من ذلك».
المطلوب للقضاء اللبناني بموجب عشرات مذكرات التوقيف نوح زعيتر، تحوّل خلال اليومين المنصرمين، إلى بطل قومي كلّلته صفحات «الممانعة» باسم «المقاومة». وصفوه بالمقاتل الشرس المُدافع عن المقامات والعتبات المقدسة وبأنه أعلن مبايعته لنهج «حزب الله» بقيادة نصرالله، وهو سبق له أن أعلن بالصوت والصورة «بأننا وعدنا السيد حسن نصرالله أننا سنقاتل الدواعش أينما كانوا، وها نحن على الدرب سائرون. باذن الله خلال ساعات الزبداني بتكون ممسوحة». تصاريح زعيتر التي باتت كثيرة وتصب في خانة واحدة عنوانها «المقاومة»، تؤكد أن جميع المطلوبين للدولة اللبنانية أصبحوا في الداخل السوري وتحديداً في منطقتي «القصير» و«القلمون»، بينهم تجّار مخدرات ومزورو عملات وملفات وأوراق رسمية وسارقو سيارات، ومن ضمنهم من ثبت تورطه ببيع سيارات مسروقة لتنظيم «داعش» الذي كان يُرسلها مجدداً إلى لبنان لكن بعد تفخيخها لتحصد أرواح الأبرياء.
نوح زعيتر، وجه «مقاوم» جديد يبرز على الساحتين السورية واللبنانية، وعلى الرغم من عدم اعتراف الحزب به كمتطوع جديد في صفوفه، أقله في العلن، إلا أن نوح نفسه ولدى توجيه أي سؤال له يتعلق بطبيعة عمله أو بالحماية التي يتغطى بها يقول: «أنا لست بسارق سيارات، بل أنا مقاوم وهناك قيادة تقف خلفي أتّبع تعليماتها وهي مرجعيتي الأولى والأخيرة». من هي هذه القيادة؟. إنها قيادة «المقاومة». ويبدو أنه ومن خلال إطلالاته الإعلامية وما أكثرها بالإضافة إلى زياراته إلى «القلمون» و«الزبداني» والدعم الذي يلقاه من الحزب، فإن نوح زعيتر يكون قد وضع أولى خطواته على «طريق القدس».
(علي الحسيني – المستقبل)