بسام أبو زيد
يبرع نواب عديدون ممن يصفون أنفسهم بالمستقلين في التحايل على عملية اتخاذ موقف وطني سيادي في انتخابات رئاسة الجمهورية، ويبرّرون موقفهم الرمادي والمتجه في المستقبل ربما إلى محور الممانعة بعناوين سخيفة وفارغة.
بعض هؤلاء يسأل عمّن يسمّيه «المرشح الجدي» للرئاسة وكأن في انتخابات رئاسة الجمهورية في لبنان ما يلزم الترشيح للإنتخاب، وبالتالي فإن طرح هذا العنوان هو هروب من تأييد هذه الشخصية أو تلك وعجز لدى هؤلاء النواب عن إيجاد شخصية يمكن أن يعتبروها مؤهلة لتبنّي موقع الرئاسة الأولى.
عنوان سخيف آخر هو «برنامج الرئيس» وكأن من هم متداولة أسماؤهم للرئاسة ليسوا معروفين سياسياً ولا مواقف لهم ولا تصريحات، وبالتالي فإن السؤال عن البرنامج هو أيضاً ناجم عن تهرب من الاستحقاق أو بالفعل عن جهل لدى هؤلاء النواب بالواقع السياسي في لبنان فإن كان كذلك فالأفضل لهؤلاء أن يتخلوا عن نيابتهم ويعودوا لممارسة أعمال يفقهونها.
العنوان الثالث هو «الرئيس التوافقي» الذي يفتش عنه هؤلاء النواب فماذا يعني «الرئيس التوافقي»؟ هذا الرئيس هو الذي «بيركب الجميع عا ضهرو». فيكون مع السيادة وضدها ومع بناء الدولة وضدها ومع السلاح الشرعي وضده ومع علاقات جيدة بالدول العربية وضدها ومع استمرار الانهيار وضده ومع استقرار لبنان وضده، حتى أنه لا يمكنه تأدية دور «أبو ملحم».
يتهرب هؤلاء النواب من المواجهة تحت ستار كل هذه العناوين وغيرها، ومسؤولية التهرّب هذه لا تقع على عاتقهم فقط، بل يفترض بمن أوصلوهم إلى الندوة البرلمانية أن يتصدوا لتصرفاتهم التي لا تخرج عن الإطار التقليدي للتعاطي السياسي في لبنان فقد كان الأجدى بمن صوّت لهؤلاء أن يبقي القديم على قدمه لا أن يأتي بجديد اعتقد أنه مختلف ليتبيّن من خلال الممارسة أنه قد يكون أسوأ ممن سبقوه باعتبار أنه يدرك الحاجة في هذا الظرف لقرار وخيار حازمين ويتردد في اتخاذهما لصالح استمرار نهج التدمير في الحكم.
من المخاطر المتعاظمة التي يعيشها لبنان والتي تهدِّد هويته ووجوده وتعدّديته هو دور هؤلاء النواب، لقد دسّوا لناخبيهم السمّ في العسل، وبعضهم وصل صدفة والدليل ما حصل عليه من أصوات تفضيلية هزيلة. هؤلاء لا يحق لهم أن يقرّروا مصير ملايين اللبنانيين وأن يأخذوا لبنان إلى المزيد من النار على طريق جهنم.