المُفجع امام الفاجعة الاقتصادية والمالية، هو بسلطة تتعامى عنها وتغطي عيونها بسواتر حاجبة لرؤية ما أصاب البلد وما حَلّ بأهله، ومدى نظرها قصير لا يصل الى أبعد من الكرسي والموقع، وكل يوم تُقدّم بكل مستوياتها دليلاً دامغاً إضافياً، على أنّها سلطة «مصفّحة» بكلّ ما هو عازل للصوت، لا تخترقه صرخة جائع، ولا صيحة فقير، ولا أنين موجوع، ولا نصيحة من صندوق النقد الدولي، ولا تحذير من هذه الدولة او تلك بأنّها بتخَبّطها وافتقادها للارادة والمبادرة تأخذ لبنان الى الانهيار المريع والسريع!
بالأمس، وقف اللبنانيّون على سقوط جديد لهذه السلطة؛ إنتظروا أن يأتيهم من الاجتماع الاستثنائي لمجلس الوزراء لبحث تطوّرات الانهيار المالي والاقتصادي، خطوة تعكس ولو تَطميناً فارغاً لهم، بأنّها بدأت تمسك بخيوط اللعبة، أو بأطرف فكرة إنقاذية لعلها تُمسك بدورها بطرف حلّ، لكنّهم تلقّوا منها إصرارها على العناد والسير بعكس المناخ الشعبي، عَبّر عنه رئيس الحكومة بوعد جديد أطلقه بأنّه سيصدر قريباً طبعة ثانية من كتاب إنجازات حكومته وإصلاحاتها ومبادراتها منذ نيلها الثقة.
الّا أنّ هذا الوعد سرعان ما تعرّض لانتكاسة من قلب البيت الحكومي، حينما اعترف بعض الوزراء بأنّ حكومتهم لم تفعل شيئاً، وجاهَر هذا البعض بقوله في مجلس الوزراء: علينا ان نفعل شيئاً قبل ان نفقد ثقة الناس بنا. بالتأكيد انّ الشقّ الاول من هذا الكلام صحيح مئة في المئة، وامّا الشق الثاني بالحديث عن الثقة، فهو يُجافي حقيقة انها غير موجودة.
إزاء هذا الواقع، يبدو انّ الوضع الحكومي بالشكل الذي يُدار به، صار ميؤوساً منه. وبحسب معلومات “الجمهورية” انّ النقاش حول مصير الحكومة لم يعد محصوراً بالصالونات السياسية المعارضة ولا في اوساط الناس فحسب، بل صار بمثابة خبز يومي في صالونات الحاضنة السياسية للحكومة.
وتكشف هذه المعلومات أنّ الكلام المتداول في صالونات الحاضنة، خرج من دائرة التحفّظ الى العلنيّة، ويعكس إقراراً صريحاً بأنّ الحكومة فشلت فشلاً ذريعاً. وأبلغ أحد رموز هذه الحاضنة الى “الجمهورية” قوله “ما عاد فينا نكَمّل هيك، لديّ شعور بأنّ الحكومة تُحتَضر وكأنّها في أيامها الاخيرة”.
وبحسب المعلومات فإنّ النقاش داخل الحاضنة السياسية يعكس مرارة جدية من فشل حكومتها فيما أزمة البلد تتعاظم، مَمزوجة بحال من التخبّط والارباك على كل المستويات، أولاً لفقدان الأمل نهائيّاً بالحكومة، وثانياً للصعوبة الشديدة التي تواجهها لبلورة فكرة عن بديل او خيار يمكن ان تتبنّاه الاكثريّة الحالية لوَقف النزيف الحاصل، ومسلسل الخسارات المتتالية مع حكومة حسان دياب.
وأكدت مصادر من قلب الحاضنة السياسية للحكومة لـ»الجمهورية» أنّ الخيار الأسلم لقيادة البلد في هذه المرحلة هو تشكيل حكومة وحدة وطنية جامعة، أي حكومة أقطاب أو ما يعادلهم لتتولى زمام الأمور».
الجمهورية