لو لم يشعِل الملف الاقتصادي والمالي النقاشَ قليلاً لكانت جلسة مجلس الوزراء في بعبدا أمس من اكثر الجلسات رتابةً وهدوءاً. وكما كشفَت «الجمهورية» أمس في تقاريرها عن أنّ الوضع الاقتصادي مقبل على كارثة، وأنّ رئيس الجمهورية العماد ميشال عون تحدّث بالأرقام أمام زوّاره لافتاً إلى أنّ الوضع الاقتصادي سيّئ إذا لم توضَع خطة اقتصادية مستعجلة، تسلّمَ الوزراء خلال الجلسة تقريراً اقتصادياً يُبرز النقاط التي أثارَتها «الجمهورية»، ومفادُه أنّه «في حال لم نبادر إلى تصحيح الوضع فوراً، فقد يَغرق لبنان في دوّامةٍ تُهدّد الاستقرارَ العام».أظهرَ التقرير الذي تسَلّمه الوزراء امس من رئيس الجمهورية انّ الوضع الاقتصادي سيّئ، وأنّ العجز في الميزان التجاري بلغ 19 مليار دولار، فيما العجز في الموازنة بلغ 8 مليارات دولار، والدَين العام سيصل الى 110 مليارات دولار إذا استمرّ الوضع على ما هو.
وكذلك فإنّ أكثر من 60 في المئة من الموازنة الحكومية (7.5 مليارات) يُخصّص لخدمة الدين. وأشار التقرير الى انخفاض التدفّقات والحوالات المالية بالدولار الى أقلّ من 4 مليارات دولار، وسط عدم القدرة على الاستفادة من سوق الدين، وانعدام الاستثمارات المنتجة، فيما النمو سلبي.
وعلمت «الجمهورية» انّ نقاشاً حادّاً حصَل بداية الجلسة بعد عرضِ عون للتصوّر المالي والاقتصادي، والذي يتضمّن ارقاماً وتوقّعات للسنوات الثلاثة المقبلة إذا لم يكن هناك معالجة، وهذه الارقام مبنية على دراسة اعدَّها صندوق النقد الدولي وساهمَ في جانب منها وزير الاقتصاد رائد خوري بناءً على نصائح ومعطيات من المصارف والهيئات الاقتصادية.
وقد اعترَض وزير المال علي حسن خليل بشراسة على هذه الدراسة التي لم يكن مطّلعاً عليها، ولاحظ انّها «تتضمّن كثيراً من المغالطات وأرقامُها غير دقيقة وفيها تناقض». وقدم خليل عرضاً مقابلاً بنبرة حادة تحدّثَ فيه عن الواقع المالي والنقدي من موقعه كوزير مال، وقدّمَ شرحاً مستفيضاً لم يلامس فيه حدَّ التشاؤم الذي عكسَه تقرير فريق رئيس الجمهورية. وسأل: «أريد أن اعرف من هو وزير المال في هذه الحكومة؟».
وأثناءَ مداخلة خليل خرج الوزير رائد خوري من الجلسة، في حين رأى بعض الوزراء انّه يقف وراء هذه الدراسة قبل ان ينتهي النقاش بتوضيح رئيس الجمهورية أنّ هذه الدراسة «هي توقّعات لسنة 2020 ليس اكثر». واشار الى «أنّ علينا كقوى سياسية داخل الحكومة أن نوحّد تصوّراتنا الاقتصادية والمالية».
وقالت مصادر وزارية إنّ بعض الوزراء تخوّفوا من ان تكون الصورة التشاؤمية للواقع المالي مقدّمةً للالتفاف على قانون سلسلة الرتب والرواتب الذي أقرّه مجلس النوّاب أخيراً.
وخليل لـ«الجمهورية»: «يجب ان نصبَّ اهتمامنا راهناً على إقرار الموازنة، وهي ستُقرّ، وهذا التزام منّا عبّر عنه الرئيس برّي وشدّد عليه الرئيس الحريري في جلسة مجلس الوزراء امس نقلاً عن الرئيس بري».
وكشفَ خليل «انّ هذا الامر سيتمّ في اسرع وقت ممكن وحتى قبل مدة الشهر من استحقاق السلسلة». واشار الى «أنّ إقرار الموازنة سيترافق مع المباشرة جدّياً في اجتماعات متلاحقة للّجنة الاقتصادية لتحضير خطة نهوض اقتصادي حقيقي».
(الجمهورية)