السياحة في المدن التاريخية: طرابلس نموذجاً
موضوع ندوة نظمتها جمعية طرابلس السياحية، بالتعاون مع غرفة التجارة والصناعة والزراعة في طرابلس ولبنان الشمالي ونقابة المهندسين في طرابلس
*******
اقيمتبالتعاون بين جمعية طرابلس السياحية، وغرفة التجارة والصناعة والزراعة في طرابلس ولبنان الشمالي ونقابة المهندسين في طرابلس ندوة بموضوع “السياحة في المدن التاريخية: طرابلس نموذجاً”، حضرها وائل سلطان ممثلا الوزير محمد كبارة، إيلي عبيد ممثلا الوزير السابق جان عبيد، الدكتور سعد الدين فاخوري ممثلا الوزير السابق أشرف ريفي، النائب السابق مصباح الأحدب، رئيس غرفة التجارة والصناعة والزراعة توفيق دبوسي، نقيب المهندسين في بيروت جاد ثابت، نقيب المهندسين في طرابلس بسام زيادة، المدير العام لوزارة السياحة ندى السردوك، المدير العام السابق فيصل طالب، مستشار الرئيس سعد الحريري للتعاون الدولي الدكتور نادر الغزال، منسق تيار المستقبل في طرابلس ناصر عدرة، رئيسة قطاع المرأة في تيار المستقبل بطرابلس سعاد العقاد، رئيس جامعة بيروت العربية الدكتور عمرو جلال العدوي، نائب الرئيس لشؤون فرع الجامعة بطرابلس الدكتور خالد بغدادي، رئيس جمعية متخرجي جامعة بيروت العربية احمد سنكري، مديرة جامعة القديس يوسف في الشمال فاديا علم وفاعليات.
أفتتحت الندوة بالنشيد الوطني وكلمة تقديم من الدكتورة هند الصوفي رحبت فيها بالحضور من عمق تاريخ المدينة وما تحمله من آثار وتراث ثقافي، ولكن أيضا من جهود تتحرك وتتفاعل وترسم دورا يواكب مقتضيات التجديد والمعاصرة والتنمية.
دبوسي
ألقى الرئيس دبوسي كلمة قال فيها: ” نحن في شراكة مع جمعية طرابلس السياحية ومع نقابة المهندسين ومع كل الهيئات الفاعلة للإرتقاء بمجتمعنا بكل مكوناته ونسجل تقديرنا وإعجابنا بكافة المشاريع المتعلقة بالنهوض الاقتصادي والتقدم الاجتماعي ويسرنا أن نضع إمكانيات غرفة طرابلس ولبنان الشمالي بتصرف الجمعية وأنشطتها الهادفة”.
وقال:” من نقابة المهندسين أتوجه لحضراتكم وعبركم الى الرأي العام في طرابلس أن المدينة كثيرة الغنى ويحتاجها لبنان في هذا الوقت بالذات الذي نشهد فيه الدمار المحيط ببلدان المحيط العربي وستكون قيامة لبنان الجديدة من طرابلس وهذه المقاربة لا نرى فيها شعاراًفهو ملف متكامل تقدمنا به إلى دولة رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري، ونحن لا زلنا نقوم بتحديث هذا الملف وتطويره عبر مبادرتنا ” طرابلس عاصمة لبنان الإقتصادية”.
وتابع: “نحن نتساءل معاً هل المسالة تتمحور فقط حول التسمية فنقول على أهميتها هي أبعد من ذلك هي خارطة طريق نحو إستثمار وتطوير وتحديث لبنان من طرابلس، وإذا كان باني لبنان الحديث من بيروت هو دولة الرئيس الشهيد رفيق الحريري، فإن باني إقتصاد لبنان في المرحلة الحالية والمقبلة هو دولة الرئيس سعد الحريري من طرابلس، فلبنان يحتاج “طرابلس عاصمة لبنان الإقتصادية”، ويحتاج مرافقها وموقعها الإستراتيجي ومرفئها ، والمدينة التراثية كما يحتاج طرابلس الكبرى أي الشمال بكل مكوناته، وهذا الغنى في طرابلس والشمال بدءاً من البشر وهم مثلهم مثل كل اللبنانيين، يتميزون بالخلق والإبداع والإنتشار على مستوى الكون،ولطرابلس موقع إستراتيجي محوري بالنسبة الى العالم وللبحر المتوسط ولعالمنا العربي ، وبالنسبة الى طريق الحرير الذي عمره ألفي سنة، والذي وقعنا بشأنه إتفاقات سابقة مع الجهات المختصة في الصين، واليوم سيتم توقيع إتفاق آخر على نطاق إتحاد بلديات الفيحاء ومع الجهة المسؤولة في الصين وبلدية الميناء، وكل ذلك يؤكد أن طرابلس محورية ويحتاجها لبنان حكومة وشعبا ومحيطنا العربي ومجتمعنا الدولي”.
وقال:” علينا إعادة النظر في قراءتنا للخارطة الإقتصادية للبنان لأننا لسنا عنواناً للضعف ولدينا الإيمان العميق اننا مسؤولين عن كل إنسان في لبنان في جميع مناطقه لأننا نؤمن اننا شركاء وبتنا أمام شراكات حقيقية بعد إقرار قانون الشراكة بين القطاعين العام والخاص وان الإعتمادية الرسمية لمبادرتنا “طرابلس عاصمة لبنان الإقتصادية” تشجع وتجذب الإستثمارات وهذا ما تؤكده كافة الاتفاقيات والبروتوكولات الموقعة ومختلف الكتبلتي رفعت الى المسؤولين في البلدان العربية والأجنبية من خلال مبعوثيهم الذين زارونا في غرفة طرابلس ولبنان الشمالي ونحن بصدد الإهتمام بالخبرات الصينية في مجال تطوير وتحديث المدن ونحن لدينا الثقة الكاملة أننا قادرون على لعب دور كبير في هذا المجال ملتفتين الى إعداد برامج لتدريب وصقل مهارات الأيدي العاملة الشابة سواء المتعلمة منها وغير المتعلمة لمساعدتهم على إيجاد فرص عمل لهم وهذا ما تتضمنه مبادرتنا “طرابلس عاصمة لبنان الإقتصادية” وهذا مشروع وطني مميز ونحن على جهوزية كاملة في غرفة طرابلس ولبنان الشمالي لأن نتعاون مع الجميع ومن مختلف مواقعهم لتعزيز قدرات الطاقات الشابة”.
واتوجه بكل التقدير لجمعية طرابلس السياحية ولوزارة السياحة وللسادة المحاضرين ولنقابة المهندسين معرباً عن إيماني العميق بطاقاتكم وقدراتكم كفريق واحد من “طرابلس عاصمة لبنان الاقتصادية”.
زيادة
وألقى النقيب زيادة كلمة أكد فيها أن “النقابة تفخر بكل تعاون ايجابي من شأنه أن يحول نقاط الضعف في عاصمة الشمال الى نقاط قوة، وإننا ومن موقعنا النقابي على أتم الاستعداد للتعاون مع كل القيمين والغيورين للنهوض باقتصادنا الذي هو بأمس الحاجة الى استراتيجية جدية وواعية لترجمة الانماء المتوازن على كل الصعد، وفي طليعتها القطاع السياحي، الذي وللأسف ما يزال قطاعا خاما لا تستفيد منه مدينتنا، فالأرقام المتوفرة لدينا عن السياحة، لا تبعث على الارتياح بل تؤشر الى مأزق تعانيه عاصمة الشمال التي تضم ما لا يقل عن 136 معلما أثريا تاريخيا متنوعا”.
وعدد أهم هذه المعالم وقال: “للأسف، ما تزال السياحة في طرابلس في أزمة، وفرصة ضائعة لم تستثمر بعد، وثمة سؤال كبير يطرحه الجميع هنا، أين الانماء السياحي المتوازن؟ ومتى سيترجل القطاع السياحي في طرابلس، التي الى الآن ليس لديها استثمارات سياحية كبيرة، لانعدام الانفاق الاستثماري على السياحة، ولانكفاء القطاع الخاص عن المغامر في هذا المجال؟ الأمر الذي يدعونا جميعا الى التفكير جديا في ايجاد الحلول اللازمة، لايجاد مخرج انقاذي لقطاعنا السياحي، سواء على مستوى التشريعات المطلوب مع ضمان المخاطر للمستثمرين، أو على مستوى التنظيم المدني الذي نشكل نحن كنقابة مهندسين جزءا منه بالتعاون مع السلطات المحلية، أو على صعيد احياء التراث وهذا يكون بالتعاون مع الدولة”.
وتابع: “إن نقابة المهندسين في طرابلس والشمال، هي من أشد الداعمين لأي تحرك ينقذ قطاع السياحة في المدينة، ولقد خضنا تجربة مهمة على صعيد السياحة البيئية والتي خصصنا لها برنامجا سنويا لزيارة الجزر والتشجيع على ابقاء المحميات الطبيعية بعيدة من التلوث، وإننا نطمح لتوسعة رقعة النشاط السياحي في مختلف مجالاته، فالنقابة لديها القدرة لمساعدتكم بكفاءات المهندسين لديها في المجالات المطلوبة، لا سيما في عمليات الترميم وغيرها من الأعمال التي تتطلب كفاءات هندسية عالية”.
السردوك
ثم عقدت ندوة بعنوان “مقتضيات السياحة للفن والثقافة في الفيحاء”، ترأستها السردوك فقالت: “إستقبلتنا طرابلس بحلة جديدة من الإستثمارات، إستثمارات شابة هي في هذا الشباب الطرابلسي الذي يستثمر إن في بيوت الضيافة او في مطاعم صغيرة او في مؤسسات متناهية الصغر، حيث اصبحت المصارف والمؤسسات المالية الكبرى تعتمد هذا النوع من الدعم للاستثمارات الصغيرة، والتي إنتشرت في الخارج في الهند مثلا وفي الإمارات حيث يعطى الشباب المكاتب للعمل شرط الإبداع والإبتكار، وطرابلس لديها هذه المؤسسات التي من شأنها الدفع نحو الإستثمار، وبالتالي نحو النهضة الإقتصادية والتنموية”.
تابت
ثم تحدث النقيب تابت في موضوع “إنصهار المكونات المعمارية والعمرانية والثقافية” فأكد تزايد أهمية المدن بإعتبارها مراكز تجمع للآتين من المناطق الريفية على امل الإرتقاء إلى حياة أفضل، متوقفا عند أهم مظاهر حركة السكان في البلدان النامية من خلال الهجرة الريفية التي شهدتها الدول الأوروبية في مرحلة نموها خلال القرن التاسع عشر”، مشيرا إلى”دور المدن وخاصة بعد إنتهاء الحرب الكونية الثانية إنطلاقا من مبادىء التخطيط والتنظيم المدني الحديث الذي أنتج اطرا مدنية لا هوية لها ولا طابع”.
وقال: “عالمنا اليوم يقف على مشارف عصر جديد، عصر التحول البيئي الذي سيؤدي إلى تغيرات أساسية على المستويات الإقتصادية والإجتماعية والثقافية شبيهة بما أحدثته الثورة الصناعية في أوروبا نهاية القرن التاسع عشر، لذلك أصبح من الضروري أن نوسع نظرتنا إلى التراث بعيدا عن الممارسات التقليدية وان ننتقل إلى مفهوم جديد للتراث الحضري التاريخي كنتيجة تراكم طبقات تاريخية متعددة تتجاوز مفهوم المراكز التاريخية أو الأحياء القديمة”.
وتناول ميزات طرابلس من حيث تواصل المكونات الطبيعية والمبنية، التي إرتكز عليها نمو المدينة عبر التاريخ، معددا إياها من شاطىء البحر إلى سفوح الجبال المحيطة وما تحتويه من وسط تاريخي ذي قيمة تراثية مميزة لا مثيل له في باقي الأراضي اللبنانية. كما تحتوي على تحفة رائعة لعمارة حديثة لها قيمة عالمية، ليتساءل ختاما: فهل تستيقط الأميرة النائمة لتنتقل نحو افق العصر الجديد.
الزين
وتحدث الكاتب جهاد الزين في موضوع ” طرابلس إشكالات ثقافية وسياسية ” فقال:”مرات عدة ولاسباب تارة إرادية وأحيانا قسرية خلال الحرب الأهلية، حيث سلكت طريق القبيات الهرمل في الإتجاهين من وإلى بيروت، ودائما كان يدهشني، غير دهشة الطبيعة الخلابة للمنطقة الجبلية الفاصلة بين البقاع وعكار، على تلك الطريق، سؤال مزعج، لا مجال لتلافيه وأنا اعبر قرى بقاعية معظمها فقير إلى قرى عكارية معظمها فقير إن لم يكن افقر، كيف هي هاتان المنطقتان متكاملتان تنمويا بالعاصمة الساحلية طرابلس والممتلئة بالفقراء؟ وكيف ان نظامنا السياسي الطائفي يجعل تكاملهما إقتصاديا بإقامة منطقة تنموية طرقا ومشاريع يجعل هذه المهمة ليس فقط مستحيلة بل غير مطروحة اصلا؟”.
أضاف: “في ظروف نظامنا السياسي الطائفي وجود منطقة تنموية عابرة للمحافظات، ولكن متكاملة فقراً وحاجة وضرورة هي اشبه بالنكتة السياسية، مع أنها مأساة سياسية، وأنا أريد أن أذكر فقط أن واحدة من أهم معالم التجربة التنموية الأوروبية كانت بقيام ما يسمى اوروبا المناطق، أي ان تكون طرابلس جزءا من منطقة تضمها تنسيقا وتخطيطا مع جزء مثلا من شمال سوريا، هذا يجعلنا على سبيل المثال ان احد اهم اسباب نهوض مدينة برشلونة في العقود الثلاثة الأخيرة بتخطيط من الإتحاد الأوروبي وطبعا برضى فرنسي وألماني وموافقة ومشاركة مركزية إسبانية، فكانت جزءا من منطقة ولا تزال تضم جزءا من جنوب فرنسا وجزءا من الجنوب الشرقي لإسبانيا”.
وقال: “اعرف من الآن أن أوساطا وبشكل عشوائي بدأت بالتفكير في موقع ودور طرابلس في مرحلة ما بعد الحرب في سوريا، وهذا الدور ليس جديدا على طرابلس، فهي كانت مرفأ لحمص وللشمال السوري”.
زيادة
وتحدث السفير السابق الدكتور خالد زيادة في موضوع مستقبل الثقافة في طرابلس، فأشار إلى ان “المظهر الأساسي الذي يطبع النتاج الثقافي والنشاطات الثقافية هو المحلية، وبالرغم من زحمة النشاطات، فإن الإنتاج الثقافي المتصل بقضايا الثقافة العربية او العالمية، والذي يثير الاسئلة والنقاش يكاد يكون معدوما، بل اننا شهدنا خلال السنوات الأربعين الماضية أي منذ إندلاع الحرب في لبنان وإفتتاح الفروع الجامعية في طرابلس والشمال تحولات ثقافية مرجعيتها مضوية من مثل: طرابلس مدينة العلم والعلماء، علما انني لا أرى علما ولا علماء، وطرابلس مدينة مملوكة علما بأننا أحوج ما نكون اليوم لإعلان إنتمائنا العربي اللبناني”.
اضاف: “شاركت قبل أسابيع قليلة في ندوة إعلان طرابلس عاصمة للثقافة العربية عام 2023 وأعتقد ان هذا أمر مبدئي وليس نهائيا، فلا بد من إعداد ملف مقنع تقره المنظمة العربية للثقافة والتربية والفنون، ولست أدري كيف ومن الذي سيعد هذا التقرير، لكن هذه في الحقيقة مناسبة لصياغة أفكار حول مستقبل الثقافة في طرابلس، ولا بد ان ينطوي هذا الملف على الرؤية التي تنطلق من السؤال التالي: أي وجه أو أي صورة نريد أن نقدمها لطرابلس الثقافية”.
وقال: “ان إزدهار طرابلس في التاريخ قد حصل حين كانت مدينة تواصل بين الداخل العربي والعالم وخصوصا العالم المتوسطي، وما تسعى إليه طرابلس اليوم على المستوى الإقتصادي والتجاري أن تكون مرفأ نشطا، من هنا فإن طرابلس الثقافية لا بد أن تكون مرفقا يعكس التنوع الثقافي والإنفتاح وليس العزلة والإنكفاء”.
شعراني
وفي ختام اللقاء، تحدثت رئيسة جمعية طرابلس السياحية الدكتورة وفاء شعراني، فأعلنت برنامج الجمعية للعام 2018 وقالت: “نعي هبوب رياح العولمة، ونعي كذلك أنه إذا لم ننخرط في مهارات الإبداع والتفكير لإطلاق مهرجانات الفن والثقافة، فإننا سندور في حلقة أعمال هزيلة، ذلك أن الخوض في هذا الأفق المعنوي الرحي ليس بالأمر الهين، وإذا قلنا بأننا نعلن عن برنامجنا للعام 2018 فإنه محاولة نسير فيها قدما باركها مشكورا معالي وزير السياحة مؤيدا منحاها في إرساء تنظيم المهرجانات اللبنانية على قاعدة ثقافية”.
وقالت: “يقوم البرنامج على دعامة أساسية تتمثل في توظيف مقومات طرابلس التاريخية الأثرية على النحو الأمثل لإضفاء الجذب السياحي على شخصية المدينة ونشرك فيها كافة أطياف المدينة، وبالتعاون بين المجتمع الأهلي والمدني وبين شخصيات متخصصة من كافة ارجاء لبنان والمدن المتوسطية”.
وعددت أنشطة منها إنتاج عرض بتقنية 3DMappingحيث تتحول ذاكرة طرابلس إلى أضواء وتقرأ بالعين والقلب، وتأسيس ملتقى طرابلس السنوي للرواية والقصة والشعر وفنون المسرح، يكون مقره في خان العسكر، وإعتبار قلعة طرابلس مركز إستضافة فرق الرقص اللبنانية والعربية والعالمية.