ميقاتي بين توقيتين!

 
خاص Lebanon On Time – جوزاف وهبه
إحتار الرئيس نجيب ميقاتي في أمره، حين طلب إليه رئيس المجلس النيابي نبيه برّي، بالصوت والصورة، أن يمدّد الدوام الشتوي، ليصطدم بالبطريرك الراعي والقيادات المسيحيّة الذين وجدوا في “معركة الساعة” اللحظة المناسبة لإثبات الوجود، أو لإعادة التوازن إلى الدولة في ظلّ الغياب الرئاسي المتمادي، أو في نوع من الثأر من ميقاتي نفسه الذي سبق أن سرّب مضمون االتقرير الذي يقول بأنّ المسيحيين باتوا يشكّلون فقط 19% من الشعب اللبناني!
جاءه رئيس الحزب التقدّمي وليد جنبلاط (الصديق اللدود للرئيس برّي) بالترياق، من خلال بيان وزير التربية عبّاس الحلبي، طالباً من المدارس الرسميّة والجامعات إعتماد النظام الصيفي لا الشتوي، وفي ذلك نقض لتوافق برّي – ميقاتي، كما فيه حماية للثنائيّة الدرزية – المسيحية في الجبل، والتي تعلو وفق الحساسيّة التاريخيّة لسيّد المختارة فوق كلّ الحسابات والمواقيت!
إلتقط ميقاتي “إشارة” جنبلاط، كما تسلّح بالإجتماع الذي جمعه مع رئيسي الحكومة السابقين فؤاد السنيورة وتمّام سلام، فدعا إلى مجلس وزراء سريع، مدركاً سلفاً أنّ الوزراء المسيحيين ما كانوا ليؤمّنوا له النصاب، لولا معرفتهم المسبقة بأنّ الجلسة ستنتهي بالرجوع عن قرار عين التينة، إلى قرار اعتماد التوقيت الصيفي، كما جرى تماماً!
مهما تكن حسابات الرابحين أو الخاسرين، فالمهمّ أنّ القرار الجديد قد نزع فتيل “الهيجان الطائفي” الذي استعاد في ليلة ليلاء كلّ خطاب ومصطلحات الحرب الأهليّة البغيضة..ما جعلنا نصدّق فعلاً أنّ “لعبة كلّة” قد صنعت فتنة 1860، وأنّ “بوسطة عين الرمّانة” قد صنعت حرب 1975، وأنّ “ساعة بالزايد أو ساعة بالناقص” يمكن أن تخرّب هذا البلد الهشّ، الواقف طويلاً على شفير الهاوية!
يبقى أنّ هيبة الدولة التي وقعت بين “توقيتين” قد شهدت تمزّقاً جديداً، ينذر بالإنحلال شبه التام، في ظلّ مسؤولين قد فقدوا كلّ أهليّتهم كحكّام وكقادة رأي عام!