القضية هنا أن هؤلاء موظفون ثابتون منذ نجاحهم في دورة المعهد الوطني للإدارة، ويتقاضون رواتبهم وتقديماتهم على هذا الأساس، التي تكلّف خزينة الدولة مليارين ونصف مليار ليرة سنوياً… ولكن لم يجرِ حتى الآن تشكيلهم.
وفي التفاصيل أن المرشحين لرؤساء الدوائر نجحوا في مباراة مفتوحة لمجلس الخدمة المدنية في أيلول 2014، والتحقوا، في شباط 2015، بدورة إدارية متخصصة في المعهد الوطني للإدارة، حملت الرقم 23، وأجروا فترة تدريبية في الإدارات أنجزت في نهاية نيسان 2016. ومنذ ذلك التاريخ، يلازم الموظفون منازلهم من دون أن تتوقف رواتبهم. هم ينتظرون تسلّم العمل في الدوائر الشاغرة المرصودة لهم في مرسوم خاص بالدورة حمل الرقم 8671 وتعديله.
هذا التجاوز للقوانين والأنظمة وحاجات الإدارات ترك استياءً في صفوف الشباب الباحثين عن فرصة عمل نظامية، باعتبار أنَّ الوظيفة العامة توفّر لهم استقراراً وظيفياً وضماناً صحياً وراتباً تقاعدياً. يذكر أن نصف الموظفين الناجحين كانوا موظفي فئة رابعة في الإدارات، وخضعوا للمباراة بهدف الترقي إلى الفئة الثالثة، وكانوا بمثابة منتدبين إلى المعهد الوطني، والباقون طلاب.
قال الموظفون: «لم نخضع لدورة مميزة في المعهد الوطني للإدارة، ونكلف الدولة كل هذا الجهد والمال حتى نجلس في بيوتنا. نريد أن نمارس دورنا في أن نعيد إلى الخدمة العامة مفهومها وإلى الوظيفة العامة احترامها ومكانتها ودورها، بعد ما شهدته من انحدار مدمر في النظرة إليها وطريقة التعامل معها».
وتفيد المعلومات بأنّ مشروع المرسوم المعد من مجلس الخدمة المدنية والمودع لدى الأمانة العامة لمجلس الوزراء، وضع أكثر من مرة على مسودات جدول أعمال المجلس، وكان يشطب في الساعات الأخيرة التي تسبق الجلسة بفعل الضغوط السياسية. وهنا يسأل الموظفون: «من كان يشطب المشروع في كل مرة، ولماذا، وماذا ينتظرون وإلى متى؟». وعما إذا كان القصر الجمهوري يتدخل لعرقلة المرسوم لعدم موافقته على الأسماء التي ستتوزع على رئاسة الجمهورية، رفض المدير العام لرئاسة الجمهورية أنطوان شقير التحدث لـ «الأخبار» عن القضية لكونها ملفاً إدارياً ويحتاج إلى إذن من رؤسائه للتصريح.
المفارقة التي يتحدث عنها الموظفون أن المعهد الوطني يستعد لتنظيم الدورة 24 لرؤساء الدوائر في الإدارات العامة، فيما مرسوم الدورة الـ23 لم يصدر بعد.
(الاخبار)