معالم خطورة استثنائية برزت حيال سلوكيات واجراءات تعكس انزلاقات متدرجة نحو اتجاهات قمعية سواء كانت تتصل بقضية النزاع المزمن بين اهالي المنصورية ووزارة الطاقة حول مد خطوط التوتر العالي في المنطقة المأهولة، أو بقضايا أخرى كان اسوأ ما استجد فيها مساء تردد معلومات عن دهم جهاز أمن الدولة مكاتب صحيفة “الاخبار” بعد يومين من اطلاق يد هذا الجهاز في التحقيق مع ديبلوماسيي وزارة الخارجية في قصر بسترس.
كتبت “النهار” تقول : وعكس الامعان في المعاندة الرسمية حيال مد خطوط التوتر العالي في المنصورية وتحدي مخاوف الاهالي من الاخطار الصحية المحتملة لهذه الخطوط، اتجاهات مقلقة في ظل تجاهل الجهات الحكومية والوزارية كل الدعوات والمطالب المتصاعدة للتمهل في تنفيذ الاعمال الجارية في مد الخطوط وفتح حوار هادئ مع ممثلي الاهالي والاصرار عوض ذلك على تحكيم اللجوء الى القوة من خلال الزج بالقوى الامنية في مبارزة متمادية مع الاهالي ووضع الفريقين في مواجهة عبثية استدرجت استحضار الطابع الطائفي في جوانب منها.
وأقيمت عصراً وقفة تضامنية مع المحتجين في المنصورية وكاهن رعية سانت تريز الاب داني افرام، على خلفية مد خطوط التوتر العالي في المنطقة، وذلك في صالة الكنيسة، شارك فيها رئيس الكتائب النائب سامي الجميل والنائبان الياس حنكش ونديم الجميل، ورئيس “حركة التغيير” إيلي محفوض. وذكر الجميل بموقف لرئيس الجمهورية العماد ميشال عون في 18 آب 2008 عندما طالب بحل بديل من خطوط التوتر العالي فوق الأرض في المنصورية مضيفاً: ”وهذا كان مطلب كل القوى السياسية الموجودة في المنطقة. وخلال معارضتنا المشروع كنا جنباً الى جنب مع القوى السياسية في المنطقة، ولا يمكنهم ان يعتبروا ألّا ضرر اليوم”. واقترح “تشكيل لجنة من اختصاصيين من الجامعة اليسوعية والجامعة الاميركية لتقييم تقني وعلمي نستند عليه، لان الرأي الذي يعطى من وزارة الطاقة نصف رأي، وهم يستندون الى ما هو مجتزأ”.
لكن مجلس الوزراء تمسك بموقفه من عدم وجود خطر لمد الخطوط وأدلى وزير الاعلام جمال الجراح خلال انعقاد الجلسة أمس بموقف المجلس من وصلة المنصورية الذي “يؤكد علمياً انه لم يثبت ان هناك ضرراً على الناس جراء وصلة المنصورية، وهذا الامر ليس في منطقة المنصورية فقط هناك الكثير من المناطق في لبنان يمر فوقها الخط نفسه ولم يتم إثبات وجود أي ضرر من مد مثل هكذا خطوط”.
وقد تدخلت بكركي بقوة لمنع تفاقم الامور وفتح البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي خطوط اتصالات احتوائية مع جميع الافرقاء والجهات المعنيين على ان تتوج مساعيه باجتماع موسع يعقد اليوم في بكركي، لكن ذلك لم يحجب خطورة الدلالات التي اكتسبها اندفاع الاتجاهات القمعية والتورط الواضح نحو احكام سلوكيات معروفة النتائج السلبية سلفا وسط تساؤلات عن الجهات التي تعمد الى توسيع هذا النهج. ذلك ان مبارزة المنصورية لم تكن الاولى ولا يبدو انها ستكون الاخيرة في سلسلة تطورات مثيرة للقلق من تصاعد هذا النهج الذي بات يطغى على الحدث المالي والاقتصادي الذي يشغل اهتمامات اللبنانيين منذ موجة الاضرابات الواسعة وفي انتظار الانتهاء من جلسات مجلس الوزراء وولادة الطبعة الحكومية النهائية للموازنة. ذلك ان بعد الضجة التي اثيرت حول تداعيات بعض الملفات المتصلة بما يعتبر عملية لمكافحة الفساد وأدت الى انفجار نزاع قضائي بين جهة قضائية وجهاز أمني ”فتح” الاسبوع الجاري في يوم عطلة شهداء الصحافة الاثنين الماضي بحادث مثير للاستغراب تمثل في استعانة وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل بجهاز أمن الدولة للتحقيق مع ديبلوماسيي الوزارة في موضوع تسريب مضمون برقيات سرية من سفارة لبنان في واشنطن الى الوزارة عن لقاءات الوفد النيابي الذي زار واشنطن الى صحيفة ”الاخبار”. لكن الامر لم يقف عند حدود التحقيق الامني في وزارة الخارجية، اذ افادت معلومات مساء أمس ان جهاز أمن الدولة دهم مكاتب “الاخبار” نفسها مساء الاثنين حيث كانت مقفلة في عطلة 6 ايار ولم يكن فيها سوى مديرة المبنى وصادر الكاميرات المركزة قرب موقف السيارات والكاميرات الخارجية. كما رصدت حركة مراقبة لمبنى الجريدة ومحاولات لمعرفة عنوان منزل ناشرها الزميل ابرهيم الامين. وأوضحت المديريّة العامّة لأمن الدولة أنّ ”الملفّ أصبح في عهدة القضاء المختصّ، وأنّ كلّ أعمال التحقيق كانت بإشارة منه وضمن الأصول القانونيّة المعمول بها”.
الموازنة: مناخات ايجابية
لكن التطورات المتصلة برحلة اقرار الموازنة بدت مغايرة للاجواء المتوترة اذ أبرزت مصادر وزارية تفاؤلاً بامكان انجاز الموازنة في نهاية الاسبوع الجاري أو مطلع الاسبوع المقبل في أقصى حد وقالت ان البحث الذي سيبدأ اليوم في موازنات الوزارات لن يكون شاقا وطويلا لان جميع الوزراء درسوا موازانات وزاراتهم مع وزير المال علي حسن خليل تفصيلاً. وصرح الوزير الجراح بعد جلسة البارحة ان مجلس الوزراء”استكمل بحث القوانين البرامج، اما في ما يتعلق بالمواد الضريبية، فتم التطرق اليها ومناقشتها بشكل عام في انتظار الاجوبة عن التقديرات المالية والمقترحات حول هذه البنود التي سنحصل عليها اليوم او غداً. وسنبدأ بالادارات وبكل وزارة على حدة ونأمل ان ننتهي من ذلك الجمعة في انتظار بعض الاجوبة من بعض الوزراء”.
واستغرب “اثارة الضجة حول موضوع الاملاك البحرية، خصوصاً انه صدر في شانه قانون ومرسوم، وان اصحاب المؤسسات السياحية يدفعون ما عليهم، والبعض الاخر تقدم بطلبات للدفع، وهناك مهلة للدفع، وعندما تنتهي يعود مجلس الوزراء ويتخذ القرار المناسب. أما الان، فالمؤسسات لا تزال ضمن المهلة المحددة، والقانون ينفذ كما صدر عن مجلس النواب بحذافيره ما يؤمن مداخيل للدولة، وبتقديراتنا المتواضعة في الموازنة اعتقد، وكما يقول وزير المال، فاذا استمررنا على هذا النحو سنحصل الاموال التي نتوقعها على مدى فترة القانون الذي يتيح التسويات”.
وأكد ان يوم الجمعة ستتقدم وزارتا الدفاع والداخلية باقتراحات لمعالجة كامل أوضاع الاجهزة الامنية وسيتم اتخاذ القرار المناسب في شانها. وأفاد “ان هناك بعض البنود مترابطة في ما بينها كالرواتب في الادارات أو في المؤسسات او لدى القوى الامنية أو من يتقاضون راتبين من خلال معاشات التقاعد وغيرها فجميعها سلة واحدة، نريد ان نضعها كلها لاجراء جدول مقارنة بينها، وبالتالي فاننا نؤجل هذا البند وننتقل الى نقاش البند التالي لنتمكن في النهاية من الوصول الى تصوّر معّين يشمل كل الناس. هدف الحكومة هو انه اذا حصل تخفيض في مسالة ما فيجب ان يطال كل الناس بما فيهم طبعا الهيئات العامة. نحن نناقش كل بند على حدة وفي النهاية سنتخذ قرارا يشمل كل الناس بكل هذه البنود وهذا سبب التأجيل”.