منذ القِدم، اعتبرت الولادات الملكية حدثاً هاماً لدى جميع الشعوب، حيث أنها مثلت قضية دولة بأكملها كونها ستحدد مستقبل الحكم في البلاد. ولهذا السبب تعاملت جميع الدول بحذر شديد مع مثل هذه الأمور. ما بين العصور الوسطى والحقبة الحديثة المبكرة، عاشت دول أوروبا الغربية على وقع انتشار عادات غريبة رافقت الولادات الملكية، كعادات تحديد جنس المولود وتدخل الشياطين والسحر الأسود وما شابه. ونستعرض في ما يلي بعضاً منها:
– بعض الولادات الملكية حصلت بحضور المئات من الجماهير داخل غرفة الولادة
منذ القِدم سجّلت الإشاعات حضورها بشكل واضح أثناء الولادات الملكية، حيث اتهمت العديد من الملكات بمحاولة خداع الشعب عن طريق تنظيم عمليات ولادة مزيفة تقوم أساساً على تعمد إدخال أطفال رضّع إلى غرفهن من أجل تقديمهم للناس كمواليد ملكيين.
سنة 1688 اتهمت الملكة ماري زوجة ملك إنجلترا، جيمس الثاني، بمحاولة خداع الشعب عن طريق تنظيم عملية حمل مفبركة. ولوضع حد لمثل هذه الشائعات، لم تتردد ملكة إنجلترا في استدعاء عدد كبير من النبلاء والشخصيات البارزة إلى غرفتها من أجل حضور عملية الولادة. وعلى حسب ما نقله العديد من المؤرخين، قدّر عدد النساء والرجال الذين حضروا عملية مولد الأمير جيمس فرانسيس إدوارد (ابن الملكة ماري) بنحو 200 شخص.
وأثناء حملها في حدود سنة 1778 عانت ملكة فرنسا ماري أنطوانيت من انتشار شائعات مماثلة، حيث اتهمت الأخيرة بتنظيم عملية ولادة مزيفة بعد أن تناقل كثيرون خبر عدم قدرتها على الإنجاب وضعف القدرات الجنسية لزوجها الملك لويس السادس عشر. وفي حادثة مشابهة لتلك التي شهدتها إنجلترا سنة 1688، لم تتردد الملكة ماري أنطوانيت في استدعاء المئات من النبلاء الفرنسيين إلى غرفتها لحضور عملية الولادة.
خلال العصور الوسطى آلام الولادة عبارة عن عقاب إلهي
خلال الفترة المعاصرة، من الممكن للمرأة أن تعتمد على المسكنات وعمليات التخدير من أجل تجنب الآلام التي ترافق عملية الولادة. لكن خلال العصور الوسطى كان الأمر مختلفاً تماماً. فخلال تلك الفترة اعتبرت الكنيسة آلام الولادة عقاباً إلهياً مسلطاً على المرأة من أجل تطهيرها من الخطيئة الأولى. ولهذا السبب لم يتردد الرهبان في تحريم استخدام أي شيء قادر على تخفيف آلام الولادة. وتزامناً مع ذلك، امتد هذا القرار ليشمل الولادات الملكية، حيث اضطرت الملكات إلى تحمل آلام الولادة كسائر النساء.
خلال العصور الوسطى القابلات واجهن ضغوطات عديدة وأحكاماً بالإعدام حرقاً
قديماً، كان إجراء عمليات الولادة حكراً على النساء فقط، حيث منع الرجال من ممارسة مثل هذه المهن إلا في حالات نادرة جداً سمح خلالها لبعض الأطباء من جنس الذكور بالتدخل في حال تدهور الحالة الصحية للأم. وبسبب حضور العنصر النسائي المكثف خلال الولادات الملكية، تخوفت الملكات من إقدام إحدى القابلات على استخدام بعض أنواع السحر الأسود من أجل إلحاق الأذى بالمواليد الملكيين الجدد. ولهذا السبب أجبرت القابلات على تقديم وعود بعدم سرقة المشيمة عقب الولادات الملكية من أجل استخدامها في أعمال شيطانية. وتزامناً مع ذلك تعرضت العديد من القابلات إلى تتبعات بعد اتهامهن بممارسة السحر ليتم على إثر ذلك إحراقهن أحياء.
حسب المعتقدات القديمة بعض الطقوس والتصرفات قادرة على تحديد جنس المولود الجديد
خلال العصور الوسطى لم يكن الناس على دراية أن جنس المولود الجديد مرتبط أساساً بالسائل المنوي للرجل. ولهذا السبب انتشرت بعض العادات والتصرفات التي آمن الجميع بقدرتها على تحديد جنس المولود. تزامناً مع ذلك مثلت مشكلة وريث العرش إحدى أبرز مشاغل العائلات الملكية، حيث سعى الملوك للحصول على مواليد من جنس الذكور لضمان تواصل سلالاتهم.
أمام هذا الوضع لقيت الطقوس والعادات القادرة على تحديد جنس المولود رواجاً كبيراً لدى العائلات الملكية، حيث أجبرت الملكات على تناول أنواع معينة من الأغذية وشرب جرعات طبية غريبة. وخلال تلك الفترة انتشر بين الناس اعتقاد خاطئ أن جنس المولود يتحدد قبل أيام قليلة من عملية الولادة ولهذا السبب كان من الممكن التأثير عليه عن طريق بعض الطقوس والعادات.
القابلة أجبرت على كتابة وصيتها قبل بداية عملية الولادة الملكية
خلال العصور الوسطى كانت الخدمات الصحية متردية، حيث سجّل مفهوم النظافة غياباً شبه تام، وقد أسفر ذلك عن ارتفاع نسبة الوفيات عند الولادة.
ومن ضمن الأمراض التي سجلت انتشارها بين النساء عقب عمليات الولادة خلال تلك الفترة، نجد حمى النفاس حيث أسفر هذا المرض عن وفاة العديد من النساء والأطفال حديثي الولادة.
فضلاً عن ذلك، تعد ملكة إنجلترا، جين سيمور، أبرز ضحايا هذا المرض، حيث فارقت الأخيرة الحياة بسبب تبعات حمى النفاس سنة 1537 عقب ولادة ابنها إدوارد السادس.
وخلال العصور الوسطى أجبرت القابلات على كتابة وصاياهن قبل إجراء عمليات التوليد الملكية. ففي حالة وفاة الملكة أو المولود الجديد كان من العادي جداً أن يأمر الملك بإعدام جميع القابلات.
ولم تتردد الملكة فيكتوريا في استخدام بعض المواد المخدرة لتجنب آلام الولادة من خلال زواجها بالأمير ألبرت. ورزقت ملكة المملكة المتحدة فيكتوريا بتسعة أبناء. وسنة 1853 وأثناء عملية ولادة ابنها الثامن، الأمير ليوبولد، طالبت الملكة فيكتوريا طبيبها بمنحها مادة مخدرة لتجنب الألم، وعلى أثر ذلك حصلت الملكة على مخدر الكلوروفورم.
وعقب نهاية عملية الولادة، تقدمت الملكة من خلال كتاباتها بالشكر لمخدر الكلوروفورم، مطالبة بأن يتم التركيز على المسكنات وبعض المواد المخدرة من أجل تسهيل عمليات الولادة وتجنب آلام الولادة.
(العربية.نت)