في انتظار إقرار قانون انتخابي يحدّد كيفية انتخاب البيروتي: على أساس دائرة واحدة أو اثنتين أو ثلاث، «تنغل» المجموعات المدنية والأحزاب السياسية في بيروت التي يبدو أنها ستشهد إحدى أكبر المواجهات بين لائحة السلطة ولائحة المجتمع المدني
فيما تنتظر المجموعات المدنية والقوى السياسية إقرار القانون الانتخابي لتبتّ أمر لوائحها وهوية مرشحيها، حسمت «بيروت مدينتي» قرارها باكراً، معلنة عدم نيّتها خوض الانتخابات المقبلة. السبب المعلن حتى الساعة هو «عدم جاهزية الفريق لانتخابات تجرى في أيار، وقد اتخذ القرار في اجتماع الجمعية العمومية الذي عقد في تشرين الاول من العام المنصرم»، بحسب منسّق الشؤون الانتخابية وأحد أعضاء هيئة التنسيق في «بيروت مدينتي» طارق عمار.
فالمجموعة منخرطة اليوم في معركة انتخابات نقابة المهندسين في بيروت التي تعتبرها بأهمية الانتخابات النيابية. ووفقاً لعمار، فإن منصب نقيب المهندسين ربما يفوق منصب النائب أهمية لجهة القرارات التي يتخذها في ما خصّ رخص البناء والتعدّي على الملك العام. إلا أن ذلك «لا يعني أننا لا نعتبر الانتخابات فرصة للتغيير ونشجع الحركات المشابهة لحركتنا والأعضاء للترشح وخوض هذه المعركة». لكن هل ستدعم «بيروت مدينتي» الأفراد المنتمين اليها الذين سيترشحون بشكل مستقل الى جانب مرشحي المجموعات المدنية الأخرى؟ يجيب عمار «الأخبار»: «لن نخوض الانتخابات، لا بطريقة مباشرة ولا بطريقة غير مباشرة، وبالتأكيد لن نجيّر اسمنا لأحد رغم عدم معارضتنا ترشح أفراد من مجموعتنا تحت سقف الخط الذي يتلاءم مع خط المجموعة». ويؤكد أن الحديث عن تنسيق المجموعات المدنية مع «بيروت مدينتي» بشأن التعاون في الانتخابات النيابية المقبلة «غير صحيح إطلاقاً».
تنتظر المجموعات المدنية إقرار القانون لتعلن لائحتها ومرشحيها في بيروت
وبصرف النظر عمّا إذا كان قرار «بيروت مدينتي» سيرتّب تداعيات سلبية على اللائحة المدنية التي ستتشكل في مواجهة أحزاب السلطة، تتابع المجموعات الأخرى والأفراد المستقلون اجتماعاتهم التنسيقية في انتظار تحديد قانون الانتخابات لحسم الاسماء. ويؤكد الوزير السابق شربل نحاس لـ»الأخبار» في هذا السياق أن أفراداً من «مواطنون ومواطنات في دولة» ينسّقون مع بقية الأطراف الى حين اتضاح «شكل المواجهة».
أخيراً، ساهمت التحركات الشعبية ضد الضرائب في جمع مجموعات الحراك مجدداً. ووفقاً للقيادي السابق في التيار الوطني الحر زياد عبس، أيقنت هذه المجموعات أن «المدخل الجدّي لمحاربة الفساد وتحقيق مطالبها لا يمكن أن يتم إلا عبر التمثّل في المجلس النيابي». وقد اقتنع الجميع بأهمية أن يكون للمجتمع المدني صوت في البرلمان، حيث ثبت أنه يمكن لنائب واحد أن يشكّل معارضة ويوصل صوته الى الخارج. لذلك من «المهم جداً خوض المعركة النيابية. وهنا يفرض القانون الانتخابي نفسه كأهمية كبيرة في قراراتنا، إذ تتوافق كل المجموعات حول إرادة الربح والمنافسة أقله، لا خوض معركة شكلية محسومة النتائج».
على المقلب الحزبي، ماكينتان بدأتا العمل جدياً، هما ماكينتا القوات اللبنانية والطاشناق، علماً بأن مسؤول بيروت في القوات كان قد طلب من ماكينة الحزب الانتخابية، خلال عشاء القوات في منطقة بيروت نهاية العام الماضي، بدء العمل والترويج لمصلحة المرشح الأرثوذكسي عماد واكيم. وأكدت مصادر مقرّبة من القوات أن رئيس الحزب سمير جعجع سيثبت ترشيح واكيم عن المقعد الأرثوذكسي رسمياً قريباً جداً، كما ثبّت مرشح البترون عن المقعد الماروني فادي سعد. من شأن ذلك أن يلزم التيار الوطني الحر بالمقعد الماروني، نظراً الى أن ميشال فرعون يحسم في مجالسه اتفاق القوات والتيار على ترشحه عن المقعد الكاثوليكي. وهنا تبرز معضلة المرشح الماروني في الأشرفية. ففي وقت ينظر فيه كثيرون الى النائب نديم الجميّل على أنه الورقة الرابحة لأي لائحة كونه «ابن بشير»، أظهرت استطلاعات الرأي عدم صحة هذه الفرضية بعد تفوّق مرشح التيار مسعود الأشقر عليه. وهو ما يطرح عقدة قواتية تتمثل في رفض معراب للأشقر نتيجة خلافات تعود الى أيام الحرب، في مقابل تأكيد مصادر التيار أن القوات غير مؤثرة في هذا الشأن، و«لن نسمح بوضعها فيتو على أي اسم نقرره». وتضيف المصادر أن «رئيس التيار جبران باسيل أبلغ الأشقر في اجتماع ضمّهما معاً أخيراً تبنّي ترشيحه في الانتخابات المقبلة»، علماً بأن القوات وحلفاءها في بيروت لا يوفرون مناسبة لمحاولة إطاحة الأشقر، وبدأوا في الاسابيع القليلة الماضية التسويق لاسم رئيس مجلس إدارة بنك بيروت سليم صفير كمرشح مشترك بينهم وبين العونيين عن المقعد الماروني، فيما الأخير يؤكد أن «لا علم له بالموضوع وليس مطروحاً أصلاً على أجندته، لأنه يتعارض مع عمله ويؤثر سلباً في علاقاته»، كما تؤكد مصادر مقرّبة منه.
ويبرز مرشح ثالث عن المقعد الماروني سيشكل عائقاً في طريق المرشحين الآنفي الذكر، وهو مدير مكتب رئيس مجلس إدارة سوسييتيه جنرال أنطوان صحناوي، ميشال جبور. ويوضح جبور لـ»الأخبار» أن قرار ترشحه يأتي لعدة أسباب: «أوّلها وجودنا في الأشرفية منذ 40 عاماً، أي منذ أيام بشير، ثانيها عملنا الاجتماعي الدؤوب منذ 2009 في بيروت، والذي نتجت منه مساعدات لأكثر من 6 آلاف عائلة لا مجرد وعود فارغة. ثالثها مخزون العلاقات السياسية والخارجية والعربية التي تميّزنا عن الباقين، وتجعلني قادراً على وضع برنامج عمل يخدم لبنان خارجياً وليس فقط في الداخل». وعمّا إذا كان سيترشح بشكل مستقل، يقول جبور: «نحن في صدد تشكيل لائحة فور اتضاح القانون الانتخابي، وستضم مرشحين متجذرين في المنطقة».
(الاخبار)