خاص Lebanon On Time _ خالد أبو شام
تعد قضية النزوح الداخلي في البلدان التي تشهد صراعات وحروب من أكثر القضايا الإنسانية تعقيدًا وتأثيرًا على المجتمعات المحلية، وفي سياق ذلك تأتي أزمة النازحين من الجنوب اليوم نتيجة اشتداد المعارك بين إسرائيل وحزب الله لتُبرز حجم التحديات التي تواجه الحكومة في التعامل مع التدفق المستمر للعائلات الفارة من مناطق الصراع بحثًا عن الأمان والاستقرار، ومع تفاقم الوضع الأمني والإنساني في الجنوب، اضطر الأهالي إلى ترك منازلهم تحت تهديد العنف والقصف، والنزوح في ظروف قاسية سواء إلى مراكز الإيواء المؤقتة أو إلى مناطق أخرى داخل البلاد، ولكن يبدو أن هناك فجوة كبيرة بين الاحتياجات الأساسية للنازحين وبين الجهود الحكومية المبذولة لتلبيتها، حيث تتلقى الحكومة انتقادات واسعة بسبب تقصيرها في الاستجابة الفعالة لاحتياجات النازحين، بما في ذلك اعتمادها في كثير من الأحيان على دعم المنظمات الدولية والمساعدات الخارجية لتوفير الاحتياجات الأساسية للنازحين، إلا أن هذا الدعم غالبًا ما يكون غير كافٍ لتغطية الاحتياجات المتزايدة، كما أن الحكومة لم تخصص موارد كافية من ميزانيتها لدعم هذه الفئة المتضررة بشكل مباشر، وكذلك البطء في توفير المساعدات، حيث يعاني النازحون من تأخر تقديم المساعدات الضرورية مثل الغذاء والدواء والمأوى، وفي بعض المناطق، تتأخر الحكومة في إرسال الإغاثة اللازمة، مما يؤدي إلى تفاقم معاناة النازحين، خاصة في ظل انتشار الأمراض وسوء التغذية.
بالرغم من مرور فترة طويلة على بدء النزوح، إلا أن الحكومة لم تضع بعد خططًا شاملة ومستدامة لإعادة توطين النازحين أو توفير بيئة آمنة تمكنهم من العودة إلى مناطقهم الأصلية بعد انتهاء الصراع، فيما التركيز لا يزال منصبًا على الحلول المؤقتة التي لا تراعي الاستدامة، وكذلك يواجه النازحون عقبات كبيرة بسبب سوء الإدارة والفساد داخل بعض المؤسسات الحكومية المسؤولة عن توزيع المساعدات، وقد يؤدي ذلك إلى توزيع غير عادل للمساعدات، حيث تصل بعض الموارد إلى أشخاص غير مستحقين أو تتعرض للتلاعب، ونتيجة لهذا التقصير، يعيش النازحون في ظروف إنسانية قاسية، حيث يعاني الكثير منهم من نقص في الخدمات الصحية والتعليمية، إضافة إلى صعوبة الوصول إلى فرص عمل تؤمن لهم حياة كريمة، وهذا يؤدي إلى خلق بيئة من التوتر الاجتماعي في المناطق المضيفة.
إن على الحكومة اتخاذ خطوات جادة وفورية لمعالجة هذا التقصير، كمثل تخصيص موارد إضافية من الميزانية لدعم النازحين وتحسين الظروف في مراكز الإيواء المؤقتة، وتسريع إجراءات تقديم المساعدات والتأكد من وصولها بشكل عادل وفعال إلى جميع النازحين، ووضع خطط استراتيجية طويلة الأمد لتمكين النازحين من العودة إلى مناطقهم، و التنسيق بشكل أفضل مع المجتمع الدولي والمنظمات الإنسانية لضمان استمرارية الدعم وتقديمه بشكل فعال، فعلى الدولة أن تدرك أن دورها في حماية ورعاية النازحين لا يقتصر فقط على توفير الاحتياجات الأساسية، بل يتعداه إلى بناء مستقبل آمن ومستقر لهؤلاء الأشخاص الذين يعيشون مأساة النزوح القسري.