خفّض رئيس الحكومة سعد الحريري منسوب التوتر في مجلس الوزراء الذي انعقد برئاسته امس على خلفية ادراجه اقتراح وزير الخارجية جبران باسيل بتمديد مهلة تسجيل المغتربين الراغبين في الاقتراع في الانتخابات المقبلة بقوله لدى افتتاحه الجلسة: من يسمع ما يذكر في وسائل الاعلام من مواقف وتصريحات حادة يعتقد اننا نواجه مشكلات معقدة، لكن الحقيقة والواقع غير ذلك تماما.
ودعا الحريري الوزراء الى التروي والتهدئة والابتعاد عن المواقف الحادة التي تؤدي الى ردات فعل مضرة.
ولم يتطرق الحريري الى اقتراح باسيل المثير للنقاش، لكن نائب رئيس الحكومة القواتي غسان حاصباني تناول الاقتراح، داعيا مجلس الوزراء الى البحث عما اذا كان التعديل يتطلب فتح دورة استثنائية لمجلس النواب لمتابعة هذه المسألة.
وقال الوزير القواتي الآخر بيار بوعاصي انه مع تمديد المهل من حيث المبدأ، وكذلك اوضح وزير الداخلية نهاد المشنوق ان مسألة التمديد صعبة اداريا، بينما اعتبر الوزير علي قانصوه (الحزب القومي السوري) ان لحزبه مصلحة بتمديد المهل لتمكين المغتربين من الاقتراع.
وقد خيمت على الجلسة اصداء السجالات بين الرئاستين الاولى والثانية حول مجمل الامور، خصوصا مرسوم الاقدمية للضباط الذي يُصر رئيس المجلس النيابي على ان يحمل توقيع وزير المال، بينما رئيس الجمهورية مُصر على رأي هيئة الاستشارات القائل بالعكس.
وكانت الأزمة بين الرئاستين بلغت اشدها بتحذير الرئيس ميشال عون من «المس بصلاحياتنا»، ما يؤشر على ان جوهر الصراع مرتبط بدستور الطائف والصلاحيات الرئاسية التي يسعى الرئيس الى تصحيح بعضها.
وهذا التطور وضع الحكومة امام انقسام حاد، ويمكن ان يؤثر على التحالفات السائدة، فحزب الله الذي هو الحليف الاستراتيجي للتيار الوطني الحر التزم بموقف الرئيس نبيه بري من موضوع تعديل قانون الانتخاب والمهل المتصلة به، ما قد يفضي الى اهتزاز العلاقة بين الحليفين.
في المقابل وبالمعيار عينه يمكن قياس العلاقة التحالفية بين تيار المستقبل والتيار الوطني الحر، بدليل توقيع رئيس الحكومة مرسوم الاقدمية لضباط «دورة عون» دون مشاورة او الوقوف على رأي بري ومن ادراج اقتراح باسيل على جدول اعمال الحكومة.
وردت مصادر التيار الوطني الحر اسباب تجاوب رئيس الحكومة مع باسيل وطرح اقتراحه على الجدول بما يزيد من تدهور الامور بينه وبين بري الى رغبته تجنب حمل وزر رفض اقتراح باسيل بسبب العلاقة معه.
من جهته، دخل اللقاء الديموقراطي برئاسة وليد جنبلاط على خط الازمة مؤازرا موقف بري، حيث قال الوزير مروان حمادة: نقول لباسيل وغيره اوقفوا لعبة سحب الارانب من القبعة ووضع طروحات بين الفينة والاخرى مما قد يؤثر على صدقية الانتخابات ونقل قانونها الى مكان آخر.
وقالت مصادر نيابية لـ «الأنباء» ان اكثر من ثلث اعضاء الحكومة سيقفون ضد التعديل وهم وزراء حزب الله وحركة امل ووزراء اللقاء الديموقراطي ووزراء القوات اللبنانية والقومي والوزير ميشال فرعون، اي 14 وزيرا من اصل الثلاثين وزيرا، وهؤلاء يشكلون الثلث المعطل داخل الحكومة في حال طرح الموضوع على التصويت، وحتى لو مر التعديل في مجلس الوزراء فإن مآله مجلس النواب الممسوك بقبضة بري القوية والذي قرر الانتقال من طهران الى مقره الجنوبي في مصيلح وبحوزته مفتاح باب المجلس الذي سيبقى مقفلا امام اي محاولة لتعديل قانون الانتخاب، وهو اساسا خارج دورة الانعقاد، وبالتالي فإن انعقاده يحتاج الى دورة استثنائية.
(الانباء الكويتية)