مسبار ستطلقه NASA هذا السبت لدراسة الشمس، سيقترب منها إلى ما لم يسبق أن وصلت إليه أي مركبة فضاء أخرى، في مهمة هي الأولى من برنامج Living With a Star أو “التعايش مع نجم” الهادف إلى جمع بيانات عن الشمس تساعد العلماء في التنبؤ بعواصفها وتفسير بعض أكثر الأسرار غموضاً عن جرم هو الوحيد المزود الأرض بالضوء والحرارة من الفضاء. أما سرعته التي سيمضي بها إليها فتسمح بقطعه 10 آلاف و500 كيلومتر من الرياض إلى نيويورك بأقل من دقيقة، حتى وبلوغ المريخ البعيد 225 مليون كيلومتر أحياناً بأسبوعين على الأكثر.
المسبار الذي سمته الوكالة الفضائية الأميركية Parker Solar Probe تيمناً بعالم فيزياء فلكية أميركي، وفقاً لما ورد عنه في تقرير نشرته “العربية.نت” بيونيو العام الماضي، ويهدف إلى جمع بيانات عن التفاعلات الداخلية لهالة الشمس الشديدة المغنطة، سيقترب من سطحها إلى مسافة 6 ملايين و270 ألف كيلومتر، هي أقرب 7 مرات مما وصلته مركبة سابقة صنعها الإنسان، وسيتعرض إلى ما لم تواجهه أي مركبة مماثلة بالتاريخ من الحرارة والإشعاع، لذلك لا تخلو مهمته البالغة كلفتها ملياراً و500 مليون دولار من المخاطرة، ولو أن الستة ملايين كيلومتر قد تبدو مسافة بعيدة بمقاييس الأرض، إلا أنها قد تضر بالمسبار وتهدد مهمته بأي طارئ.
باليوم يقطع أكثر من 17 مليون كيلومتر
والدليل على الخطر المتأبط بالمسبار شراً، هو كوكب عطارد الأقرب بين الأجرام إلى الشمس “فقد تغير سطحه وغلافه الجوي تماماً بسبب التدفق المستمر لحزم الإشعاع والجسيمات القادمة إليه من الشمس، برغم أن المسافة بينهما أقلها 45 وأقصاها 70 مليوناً من الكيلومترات كمعدل” وفقاً لما ورد عن المسبار في صحيفة “التلغراف” البريطانية، وبتقريرها ذكرت أن المرجح هو أن تساعد المعلومات المجمّعة من المسبار الأجيال القادمة من البشر الذين قد يعيشون يوماً ما خارج الغلاف الجوي للأرض.
وأقرب دنو من الشمس لآلة صنعها الإنسان، قامت به مركبة Helios 2 ضمن برنامج ألماني- أميركي مشترك، وكانت رحلتها في 1976 إلى الشمس بسرعة 252 ألفاً من الكيلومترات بالساعة، واقتربت إلى مسافة 43 مليون كيلومتر من سطحها، ومن المدار الذي استوت عنده ظلت تعمل وترسل المعلومات طوال 9 سنوات بلا توقف، إلى أن خمدت طاقتها وتاهت في الفضاء، وفقاً لما قرأت “العربية.نت” بسيرتها. أما السرعة التي سيمضي بها مسبار “باركر سولار بروب” فتزيد عن 692 ألف كيلومتر بالساعة، أي 16 مليوناً و600 ألف كل يوم، لأنه يستعين بقوة انطراد توفرها له جاذبية كوكب الزهرة، إضافة إلى أن جاذبية الشمس تشده إليها وتزيد من سرعته أيضاً.
ويصل بنصف دقيقة من جدة إلى لندن
وبحسبة بسيطة، فإن بإمكان المسبار البالغ وزنه 625 كيلوغراماً، الوصول إلى القمر بنصف ساعة، وبنصف دقيقة يقطع 6000 كيلومتر بين جدة ولندن، وهي ما تحتاج طائرة ركاب إلى 7 ساعات تقريباً لتقطعه. أما بالثانية، وسرعته فيها 192 كيلومتراً، فيصل من القاهرة إلى الإسكندرية تقريباً، أو من دمشق إلى عمان، وهي سرعة لم تبلغها أي وسيلة صنعها الإنسان قبل الآن، لذلك يحتاج “باركر سولار بروب” أقل من 9 أيام ليقطع 144 مليون كيلومتر، ويستوي عند مدار له قرب الشمس، ليدرسها بحماية درع خاص من الكاربون سماكته 11.5 سنتيمترا، يقيه من حرارة معدلها 2500 درجة مؤية، وهما سرعة وحرارة يوضحهما الفيديو المرفق.
هذه الحرارة الشديدة ستظل تقصفه بشدتها باستمرار، إلى أن تنتهي مهمته بعد 7 سنوات، يدرس خلالها هالة الشمس العملاقة، كما وحقلها المغناطيسي ورياحها ومجالها الجوي، وهو ما وجدت “العربية.نت” ملخصاً عنه في موقع NASA المتضمن ما سيجمعه المسبار من معلومات سيتم استخدامها في تطوير طريقة التنبؤ بالطقس الفضائي، وتأثيره على الأقمار الاصطناعية ورواد الفضاء، كما على الأرض وسكانها وحاضرها ومستقبلها.. هذا إذا سار كل شيء كما برمجوه تماماً.