ولا يستبعد السفير الفلسطيني السابق لدى مصر نبيل عمرو أن يقدم الرئيس الأميركي دونالد ترامب ومعه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو على ضم الضفة الغربية إلى إسرائيل بمباركة أميركية.
وقال عمرو لموقع سكاي نيوز عربية:” لا يمكن استبعاد أي مغامرة سياسية من ترامب ونتانياهو، بما في ذلك ضم الضفة الغربية.. فكل شيء أصبح متوقعا من هذه الإدارة”
واعتبر عمرو أن المنطقة “ج”، هي المعنية بالدرجة الأولى في حالة إقدام إسرائيل على هذه الخطوة المخالفة لقرارات مجلس الأمن واتفاقات أوسلو.
وتقسم الضفة الغربية وفق اتفاقات أوسلو عامي 1993 و1995، إلى ثلاث مناطق وهي: المنطقة “أ” فتضم كافة المراكز السكانية الرئيسية وتخضع لسيطرة فلسطينية أمنيا وإداريا كاملة وتبلغ مساحتها نحو 18في المئة من مساحة الضفة الغربية ، فيما تشمل المنطقة “ب” القرى والبلدات الملاصقة للمدن وتخضع لسيطرة مدنية فلسطينية وسيطرة أمنية إسرائيلية وتبلغ 21 في المئة من مساحة الضفة.
أما المنطقة “ج” التي تشكل أكثر من 60 في المئة من مساحة الضفة الغربية، تخضع إلى سيطرة مدنية وأمنية كاملة للاحتلال الإسرائيلي، ما عدا على المدنيين الفلسطينيين.
وبحسب الأمم المتحدة، فقد تم تخصيص غالبية المنطقة “ج” لصالح المستوطنات الإسرائيلية أو الجيش الإسرائيلي، على حساب التجمّعات الفلسطينية.
وتظهر السياسات الإسرائيلية في هذه المنطقة سعيا حثيثا لتغيير المكون السكاني بها، عبر أوامر هدم المنازل الفلسطينية، مما يخلق حالة من الشك والتهديد المزمن ويدفع الناس إلى الرحيل.
وبحسب إحصاء لمجلس المستوطنات الإسرائيلي، فقد ارتفع عدد المستوطنين اليهود الذين يعيشون في الضفة الغربية المحتلة بنسبة 3 في المئة خلال عام ، ليصل إلى 448672 شخصا في عام 2018، دون أن يشمل نحو 200 ألف مستوطن يهودي يعيشون في القدس الشرقية المحتلة.
وارتفعت وتيرة بناء المستوطنات بشدة منذ تولى الرئيس الأميركي دونالد ترامب منصبه عام 2017، وهو معروف بدعمه القوي لرئيس الحكومة الاسرائيلية بنيامين نتانياهو.
سياسة أميركية راسخة
ورغم العلاقة القوية بين إدارة ترامب وحكومة نتانياهو، يعتبر عمرو أن أي قرار أميركي للاعتراف بسيادة إسرائيل على المناطق المحتلة في الضفة الغربية لا يأتي من العلاقات الشخصية فقط، وإنما “هي سياسة أميركية راسخة تنبع من المؤسسات الأميركية، بغض النظر عن طبيعة الإدارة الحاكمة”.
ويوضح عمرو أنه لا يمكن لإدارة أميركية في المستقبل أن تراجع أو تلغي ما اتخذته إدارة سابقة من قرارات تصب في صالح إسرائيل.
وكان أمين سر منظمة التحرير الفلسطينية صائب عريقات قد حذر في تصريحات إعلامية من قرار أميركي للاعتراف بسيادة إسرائيلية على الضفة الغربية، بعد قرار ترامب الاعتراف بسيادتها على الجولان المحتل.
ويرى أستاذ العلوم السياسية في جامعة القدس أبوديس أحمد رفيق عوض أن سيناريو ضم الضفة الغربية لن يكون سهلا على الأرض الواقع، فـ”الإسرائيليون يخشون التأثير على الوضع الديمغرافي الإسرائيلي في حال ضم 2.5 مليون فلسطيني يعيشون بالضفة إلى إسرائيل”.
لكن تبقى المنطقة “ج” هي الأكثر احتمالا في أي سيناريو قادم، بحسب عوض، الذي يقول لموقع سكاي نيوز عربية إن” مناطق ج بها مصادر مياه وسهول وأراض زراعية خصبة، بالإضافة إلى احتوائها على المستوطنات الكبرى، ويمكن أن تضمها إسرائيل إذا لم تتعرض لضغوط دولية أو تحركات فلسطينية قوية”.
ويعتقد عوض أنه في غياب إرادة إسرائيلية باتجاه حل الدولتين، خاصة مع حكومة بنيامين نتانياهو، فإن السيناريوهات تتجه إلى حكم ذاتي فلسطيني موسع على مناطق في الضفة الغربية وترسيخ الانقسام عبر الاعتراف بقيام كيان ما في غزة، في مقابل احتفاظ إسرائيل بمناطق المستوطنات بالضفة وما حولها بالإضافة إلى غور الأردن والقدس.
الساحة مهيأة
وباتت الساحة الإسرائيلية أكثر تهيئا لمثل هذه السيناريوهات، وهو ما عبرت عنه استطلاعات رأي آخرها ما أجرته صحيفة هآرتس يوم 23 مارس، حول طرق حل الصراع الإسرائيلي الفلسطيني.
وأظهر الاستطلاع رواجا متناميا لفكرة ضم الضفة الغربية جزئيا أو كليا في الأوساط المعتدلة واليسارية داخل إسرائيل بعدما كانت الفكرة حكرا على اليمين الإسرائيلي.
وذكر الاستطلاع أن 15 في المئة ممن شملهم الاستطلاع يؤيدون ضم المنطقة “ج”، بينما رأى حوالي ثلث المستطلع آرائهم من الأوساط اليهودية وغير اليهودية داخل إسرائيل أن هناك إمكانية لإنهاء النزاع عبر إعلان دولة واحدة عوضا عن دولتين.
استمرار الوضع الراهن
ويقول المحلل السياسي الإسرائيلي شالوم يروشالمي لموقع سكاي نيوز عربية إن الوضع في الضفة يختلف كثيرا عن الجولان، “بينما يعيش 2.5 مليون فلسطيني بالضفة، لا يوجد سوري واحد في الجولان، وهو ما يجعل ضمها سهلا.. لكن الحديث يدور على المنطقة ج وهو أمر محتمل لكنني أستبعد خطوة حاليا في هذا الإطار”.
نتايناهو والوضع ورغم عدم اتخاذ حزب الليكود الحاكم موقفا صريحا بشأن السعي لضم أجزاء من الضفة الغربية، فإن الضغط من الأحزاب الدينية المتحالفة معه لا يزال مستمرا في هذا الاتجاه.
ويقول يروشالمي:” علينا أن ننتظر إلى ما بعد الانتخابات المقررة في 9 أبريل لنرى موازين السلطة”.
ويشكك المحلل الإسرائيلي في رغبة نتانياهو نفسه بالذهاب إلى هذه الخطوة، قائلا:” نتانياهو يعشق الواقع الحالي ويريد أن يستمر هذا الوضع إلى ألف عام قادمة لأنه يستفيد من هذه الحالة سياسيا”.
وبشأن احتمال انفجار الوضع أمنيا في الضفة الغربية إذا ما أقدمت الإدارة الأميركية على مباركة خطوة إسرائيلية في هذا الاتجاه، يذكر يروشالمي أنه “رغم الانتفاضتين الفلسطينيتين عام 1987 وعام 2000، لم يتغير شيء”.وفق ما ذكرت سكاي نيوز عربية.