شدّد النائب السابق باسم الشاب على ضرورة وضع السياسة الدفاعية اللبنانية بناء على واقع البلاد المالي، مبيناً أنّه يتعين أن تراعي القيود المتعلقة بالموازنة من جهة، وألاّ تأتي على حساب قوة الاقتصاد من جهة ثانية.
في المقالة التي نشرتها صحيفة “ديلي ستار”، انطلق الشاب بالمقارنة بين مصاريف لبنان الدفاعية وغيره من البلدان، موضحاً أنّ نسبتها تُقدّر بـ4.7% من حجم الناتج المحلي الإجمالي، وتمثّل 16% من الموازنة العامة. أمّا بالنسبة إلى إيران، فتُقدّر نسبة إنفاقها العسكري بـ2.7% من الناتج المحلي الإجمالي، بحسب الشاب. وفي ما يتعلق بروسيا، لفت الشاب إلى أنّها عمدت إلى تخفيض حجم نفقاتها الدفاعية بإطراد، إذ تبلغ اليوم 2.8% من الناتج المحلي الإجمالي، وذلك على الرغم من انخراطها العسكري في القرم وسوريا وخوضها حرباً باردة متجددة مع الولايات المتحدة الأميركية. في ما يختص بقبرص التي تعيش مخاوف أمنية كبرى وتتمتع بثروة هيدروكربونية هائلة، فأشار الشاب إلى أنّها تخصص 1.6% من إجمالي ناتجها المحلي للدفاع، أي نحو 14% من حجم النفقات الدفاعية اللبنانية؛ علماً أنّ قبرص تتفوق على لبنان لجهة قدراتها وتجهيزاتها العسكرية، وفقاً لما ألمحه الشاب.
وفيما اعتبر الشاب انهيار الاتحاد السوفياتي “مثالاً صارخاً” على إخضاع السياسة المالية للسياسة الدفاعية، حذّر من أنّ الإنفاق “من دون قيود” على المعدات العسكرية يأتي على حساب النمو على المستويين الاقتصادي والاجتماعي- في أفضل الأحوال. وعليه، رأى الشاب أنّه يتعيّن على السياسة الدفاعية أن تأخذ بالاعتبار ما يمكن تحمّل تكاليفه، مستدركاً بأنّ ما حصل حتى اليوم هو العكس.
وفي هذا السياق، أكّد الشاب أنّه ينبغي تلافي إغراء الحصول على أنظمة أسلحة تقليدية مكلفة لا تحقق تكافؤاً مع إسرائيل ولا ترسي قوة ردع ضدها، مذكّراً بمخطط شراء المقاتلات النفاثة من طراز “ميغ-29” الذي يعُتبر “خير مثال على ذلك”. وشرح الشاب بأنّه كان من شأن عملية شراء مماثلة أن تتُرجم كابوساً لوجستياً، مبيناً أنّ القدرات التي توفرّها هذه الطائرات متواضعة جداً.
الشاب الذي اعتبر أنّ بذل جهود كبيرة من أجل خفض عديد الجيش ليصبح قوة أكثر فاعلية وذات تكلفة فعالة يمثّل مسألة أكثر إلحاحاً بالمقارنة مع وضع استراتيجية كبرى، أكّد أنّ الولايات المتحدة حوّلت الجيش إلى قوة مقاتلة متفوقة. وقال الشاب: “في حين تمحور تركيز المساعدة الأميركية على التجهيزات والتدريب بشكل أساسي، كان التركيز على إعادة الهيكلة أو تبسيط اللوجستيات أقل”. وتابع الشاب بأنّ الاعتماد على المساعدة الأميركية للتزود بالسلاح وصيانته أفضى من دون قصد إلى خلل في الموازنة، فباتت تركز على تكاليف الموظفين والتكاليف التشغيلية؛ يخصص لبنان ما يقرب 3% من ميزانيته الدفاعية لعمليات شراء الأسلحة، في حين أنّ أغلبية دول العالم تخصص ثلث ميزانياتها لهذه الغاية.
بالإضافة إلى ذلك، رأى الشاب أنّ الدعم الأميركي غذى من دون قصد “حس الاستحقاق”، موضحاً أنّ لبنان، بصفته شريكاً في الحرب على الإرهاب وبسبب استضافته ملايين النازحين، يتوقع دعماً غربياً على الرغم من نفوذ “حزب الله” الكاسح. في المقابل، حذّر الشاب من أنّ “حس الاستحقاق” هذا قد يكون في غير مكانه، وذلك في ظل أحداث إقليمية وضعت الولايات المتحدة الأميركية في مواجهة مع إيران، وفي وقت دعمت فيه القيادة اللبنانية موقف “حزب الله”.
وفي هذا الصدد، تناول الشاب خفض الولايات المتحدة تمويل لـ”اليونيفيل”، قائلاً: “في حال خفضت الولايات المتحدة حجم مساعدتها، لن يكون اللاعبون الأوروبيون والشرقيون قادرين أو مستعدين على توفير مساعدة مالية أو دعماً تقنياً مماثلين”.
وبناء على هذه المعطيات، كرر الشاب تشديده على ضرورة أن تقود سياسة مالية مستدامة كل نقاش حول استراتيجية كبرى، مضيفاً: “ربما ينبغي للنقاش أن يركز أكثر على التحديث وإعادة التنظيم وفعالية التكلفة بدلاً من المفاهيم الاستراتيجية غير الملموسة”.