ميشيل تويني:
ماذا سنقول لشهدائنا؟ ماذا سنقول لأولادنا؟ ماذا سنقول لجيشنا الذي جرح واستشهد أفراده وضباطه، وضحّى؟ ماذا سنقول للمثقفين والكتاب والملحنين الذين غنوا وكتبوا للبنان؟
ماذا سنقول لجيل عاش الحرب الأهلية سنين طويلة وبقي في لبنان، منه من حارب ومنه من صمد ومنه من قدم شبابه أمانة لهذا الوطن؟ ماذا سنقول لجيل “ثورة الأرز” الذي تظاهر وآمن وناضل لسنين قبل خروج الجيش السوري؟
ماذا سنقول لكل هؤلاءً؟ فشلنا في اعادة بناء وطن؟ فشلنا في إدارة الدولة والمؤسسات؟ فشلنا في التغيير الحقيقي؟ فشلنا في محاربة الفساد؟ فشلنا في ان يكون لدينا أدنى حقوقنا كالكهرباء، إلا عبر بواخر؟ فشلنا في انتخاب رئيس الا بعد سنتين ونصف سنة من الفراغ؟ فشلنا في إقرار قانون جديد للانتخاب بعد ٨ سنوات من العبث وتجاوز المهل الدستورية؟ فشلنا في تغيير الطبقة الحاكمة، طبقة الحرب وزعماء الدماء والدمار والحروب؟ فشلنا في الخروج من الطائفية السياسية، بل بالعكس دخلنا فيها أكثر فأكثر؟ فشلنا لأننا قبلنا بأمر واقع فرض علينا وقبلنا بفشلهم المستمر وبرّرنا فشلهم ومؤامراتهم وصفقاتهم الدائمة؟ فشلنا لأننا قبلنا تسليم مصيرنا وتمثيلنا ممن فشل ويفشل يوميا؟
المشكلة الأكبر هي ماذا سنقول لأنفسنا أولا ولغيرنا بعد سنين، عندما يحاكم التاريخ، ولن يرحمنا، وعندما سيكون فات الاوان ماذا سنقول؟ ماذا؟
لماذا قبلنا ونقبل باقتصاد رديء متدهور؟ ولماذا نقبل بسلب كل حقوقنا الاجتماعية والسياسية والدستورية؟ لماذا نقبل بهذه الرداءة من دون ان نصرخ بوجههم: كفى!
نستيقظ ونثور لدقائق ثم ننسى وندخل في غيبوبة الرضوخ للامر الواقع مجددا.
يا ليت القانون الجديد او القديم او التمديد او التأجيل يكون الضربة القاضية للاستفاقة من الغيبوبة ولمحاسبتهم، فنكون لمرة نملك أجوبة لمن سبقنا ولمن سيلحقنا في هذا الوطن المحكوم بفشل ذريع. أوصلونا الى هذا المستوى من اليأس من الطبقة السياسية كما من أنفسنا، لأن لبنان أضحى في حاجة الى ثورة حقيقية وليس الى كلام نردده ببغائيا وننعى عبره أنفسنا ونندب حظنا، ونحن عن اي شيء آخر عاجزون. لم يعد يمكن معالجة الواقع اللبناني بالمهدئات والضحك على الذقون وبأكاذيب التهدئة التي تطلع علينا بها كل يوم الطبقة السياسية. إنه الاستنزاف الاخطر من كل شيء، ولن يترك إلا أخطارا إضافية على السياسة والاستقرار والاقتصاد والاوضاع الاجتماعية للبنانيين. لم تعد قصة قانون انتخاب وعجز عن التوصل اليه، إنها أكبر بكثير.
michelle.tueni@annahar.com.lb