خاص Lebanon On Time – جوزاف وهبه
يقول العارفون أنّ المبعوث الفرنسي جان إيف لودريان في زيارته الثالثة، قد بدا أشبه بالبطريرك الراعي في تصريحاته المتبدّلة بين لقاء وآخر، والتي تجلّت ذات يوم أحد، حين ألقى خطبة قدّاس الصباح مهاجماً بعنف “النوّاب الذين يعرقلون إنتخاب رئيس جديد للبلد بمقاطعتهم جلسات المجلس”، ليستقبل بعد الظهر النائب جبران باسيل بعبارة “الإبن المفضّل” بدل عبارة “الإبن الضال”!
فهو، أي لودريان، قد جارى في عين التينة مبادرة الرئيس نبيه برّي في دعوته إلى “الحوار..ثمّ الحوار”، أو ما درجت تسميته “حوار السبعة أيّام”، والذي يريد منه الثنائي الشيعي الوصول مجدّداً الى معادلة “فرنجية رئيساً..أو الفراغ”، كما عاد وأكّد ذلك أطراف الممانعة بعد الزيارتين الإشكاليتين اللتين قام بهما رئيس كتلة الوفاء للمقاومة محمد رعد الى كلّ من “المرشّحين الرئاسيين” قائد الجيش حوزيف عون ورئيس تيّار المرده سليمان فرنجيه في بنشعي!
وهو، في اليرزة، بحضور مفتي الجمهورية الشيخ عبداللطيف دريان والسفير السعودي وليد البخاري، وأمام 22 من النواب السنّة الذين التقوا في دارة السفير السعودي، أطلق مبادرته الجديدة “لا فرنجيه..ولا أزعور” فاتحاً الباب وسيعاً أمام الخيار الثالث التوافقي!
وهكذا يكون المفاوض الفرنسي، من جهة قد أرضى الثنائي الشيعي وفريق الممانعة بتبنّيه الكامل لفكرة الحوار التي توصل الى خيار فرنجية..فيما هو من جهة أخرى قد تماهى مع المزاج السعودي – السنّي بالتخلّي عن خيارفرنجية:فكيف يمكن فهم هذا التناقض الغريب في المساعي الفرنسيّة؟
ربّما ما رشح عن الخلاف الحاد في وجهات النظر في اللقاء الذي جمع بين لودريان ورئيس حزب الكتائب سامي الجميّل “يفسّر” هذا التناقض الفرنسي، حيث أفصح المبعوث الزائر عن مكنونات وحقيقة الموقف الفرنسي الميّال الى مراضاة محور إيران – الحزب – الممانعة، لحسابات ومصالح متعدّدة، ما جعل الجميّل يخرج عن طوره ويصطدم بالكلام مع الأفكار الفرنسية التي لا تزال تحنّ الى مبادرتها الأولى “الرئاسة للممانعة..ورئاسة الحكومة للمعارضة”، وهي مبادرة باتت خارج الزمان والمكان، وخارج ميزان القوى المحلي والخارجي!
لقد خسرت فرنسا في جولاتها المكّوكية الثلاث، وبات على المسؤولين فيها أن يعترفوا بذلك..وهو ما حاول السفير السعودي أن ينقله إلى وزير الخارجيّة السابق، إن في استقباله لسفير قطر الجديد في لبنان، وإن في جمعه للنواب السنّة بمعنى “لا 86 صوتاً” لفرنجيه، وإن في الحديث المتواتر عن وصول مبعوث قطري الى لبنان في 20 أيلول الجاري..
فرنسا تخرج..قطر تدخل، ونحن أمام مشهد رئاسي جديد!