مما لا شك حوله، أن كل العمليات التي يقوم بها الجيش اللبناني درءاً للمخاطر الموجودة في عدد من مخيمات النازحين، تصب في مصلحته لناحية قدرته على ضبط الامور، والتنبه لتداعياتها، والحفاظ على السلم داخل البلاد مهما كانت التحديات، ولا خوف من أي تداعيات طالما أن الغطاء السياسي واضح.
لكن بالتزامن مع هذا المنحى، تطرح مصادر ديبلوماسية في عاصمة كبرى، تساؤلات حول توقيت ما يحصل في بعض تجمعات النازحين التي داهمها الجيش في البقاع.
ولا تستبعد المصادر، أن يتأزم موضوع السلاح لدى النازحين السوريين، بحيث يستعمل الأمر للضغط السياسي، من أجل أن تقبل الحكومة اللبنانية بأن تتحدث مع الحكومة السورية. فالسؤال مطروح حول سبب تحريك ملف المخيمات السورية في هذا التوقيت، ومدى إنعكاس الأجواء الخارجية التي ميزت مواقف بعض الدول بالنسبة إلى النظام السوري، وما إذا كان لبنان في ظل هذه الأجواء، يجب أن يستمر في سياسة النأي بالنفس عن التعاطي مع النظام والأزمة السورية.
وتتساءل المصادر، هل على لبنان أن يلتزم بتقديرات بعض الدول الغربية والمنحى الذي ترتأي اعتماده في التعامل مع الوضع السوري والنظام السوري، فقط لأن لديه لاجئين بمئات الآلاف على اراضيه؟. إذ بعد التصريحات الفرنسية بالنسبة إلى الرئيس بشار الأسد وتصريحات دولية أخرى، هناك تقديرات غربية تقول بأن النظام يسجل اختراقات على الأرض، وليس خطأ الأخذ بالإعتبار أنه لا يزال موجوداً خلافاً للنظريات الغربية السابقة. لكن لا يعني ذلك أن الغرب سيصبح صديقاً للأسد.
وكذلك تسأل المصادر، من يعمل لتحويل موضوع النازحين وتجمعاتهم إلى مشكلة؟، بحيث يصبح لبنان مضطراً للحديث مع النظام حول مصيرهم وأوضاعهم. فهناك اشكالية سياسية وطائفية في مسألة الكلام مع النظام، في ظل المذابح ضد الشعب لا سيما ضد السنة تحديداً. وفي الأساس الوجود السوري مشكلة، ومعالجته تطرح اشكالية، ومن الجهة التي يجب أن تبحث مع النظام هذا الملف، وهذه تشكل نوعاً آخر من الإشكالية.
وليس هناك من مجال أن تصبح التجمعات السورية للنازحين مثل المخيمات الفلسطينية، ولم يقبل أساساً لبنان أن يتجمع هؤلاء النازحون في مخيمات. كذلك ليست كل التجمعات السورية لديها السلاح. والوضع الفلسطيني موضوع آخر، حيث هناك سلطة فلسطينية سياسية مسؤولة عن القرار حولهم. أما النازحون السوريون فيمكن اعتبارهم متروكين وغير متروكين في آنٍ معاً.
هذا الموضوع متروك للقرار السياسي في البلد، ولتقدير ما الذي يمكن أن يطلبه النظام في حال تم البحث معه بالموضوع، مهما كانت جدية لبنان في ذلك.
وتفيد المصادر أنه، من الناحية الإنسانية، إذا لم يكن هناك من سبب لإستمرار وجود النازحين في لبنان والدول المضيفة الأخرى لهم، فيجب عودتهم، ذلك أن لا دولة في العالم، تقبل بأن يكون نصف شعبها لاجئاً. وحق العودة لها وعليها. النظام لا يزال يرفض تسجيل السوريين الذين يولدون في الخارج، ويقول أن القيود تدمرت بفعل الحرب وليس لديه قيود جديدة. فهل فعلاً النظام يريد إستعادة شعبه، وهل هذا الشعب مستورد؟ وهل يمكن لاي بلد يبحث مع النظام إستعادة الشعب، ان يذكره بمسؤولياته تجاه شعبه وفي إطار أي نقاش يحصل حول الموضوع؟. في لبنان وقبل كل شيء من الضروري توحيد الموقف حول مصير النازحين السوريين وعودتهم إلى ارضهم، وتحديد ما إذا كانت الظروف اللبنانية مناسبة لأي بحث وأي توقيت هو المناسب؟ والاسئلة المطروحة، هل يلجأ لبنان إلى القيمين على مؤتمري آستانة وجنيف لمعالجة الموقف؟ أم إنه من الضروري إنتظار جبهة الجنوب السوري على الحدود مع الأردن ،حيث الثقل الأميركي والعامل الإسرائيلي في آن هناك، ومراقبة هذا الأمر؟ أم إنه يلجأ إلى الأمم المتحدة؟ كما ولاحظت مصادر ديبلوماسية أن الكثير من العائلات السورية عادت إلى بلادها في الفترة الأخيرة.
(المستقبل)