كانت مفاجأة الرئيس ميشال عون بتشدّد «حزب الله» في التمسّك بتوزير نوّابه السنّة، أكبر من مفاجأة الرئيس سعد الحريري. فعون لم يعلمه «حزب الله» أنّ الموقف من هذا التوزير هو موقف نهائي، ولهذا تعمّد في مقابلته التلفزيونية أن يعلن موقفه في الاعلام، تماماً مثلما تبلّغ موقف «الحزب» في الإعلام.
لعلها من المرّات النادرة التي يحصل فيها تضارب في المواقف بين عون و«حزب الله» منذ توقيع «تفاهم مار مخايل»، وهي المرة الاولى التي يبدو فيها الخلاف علنياً منذ انتخاب عون رئيساً للجمهورية، لا بل هي المرة الاولى التي بَدا فيها أنّ مصالح عون و«الحزب» تسير على خطين متناقضين، فالاول يريد حكومة بأيّ ثمن، وبعد حل العقدة «القواتية» كان يفضّل ان تولد هذه الحكومة، قبل حلول ذكرى السنتين على انتخابه رئيساً. فيما حسابات «حزب الله» عابرة للحدود، وتتصل بما يجري في المنطقة وتوازناتها.
توجز أوساط «التيار الوطني الحر» ما جرى بعد تعطيل تأليف الحكومة بالآتي:
ـ أولاً، فوجئ عون بموقف «حزب الله»، المُتشدّد بتسمية وزير سني حليف، واعتبر أنّ حقه على الحزب أن يضعه في موقفه الحقيقي وألا يترك الامور تسير الى الأزمة، فـ«حزب الله» لم يسلك المسار نفسه في التعامل مع توزير حلفائه السنّة، كما فعل في حقيبة تيار «المردة» (الأشغال)، التي جاهَر علناً وبلا التباس في تصميمه على أن تكون لسليمان فرنجية، فيما تعمّد إبداء الغموض في التوزير السنّي تاركاً الأمر يأخذ مداه في انتظار حل عقدة توزير «القوات اللبنانية».
ولهذا، لامَ عون الحزب على موقفه الغامض، فلو أعلنه منذ البداية لكان عون عمل على حلحلة هذه العقدة قبل ان تتحول عقدة مانعة لتأليف الحكومة. لكن رغم ذلك، فإنّ حدود الازمة معروفة، ولن تأخذ حجماً أكبر مما تستأهل.
ـ ثانياً، بإبدائه التضامن مع الحريري في رفض التوزير السني المعارض، يكون عون قد سَلّفه موقفاً معنوياً سيلتزم به طالما الأزمة موجودة، لكن في المقابل تسأل أوساط «التيار الوطني الحر» عن دور الرئيس نبيه بري في حلحلة الموضوع؟ وهو الذي كان وما زال يلعب دور الوسيط بين الحريري و«حزب الله».
وتسأل الاوساط: هل وضع بري الحريري في الموقف الحقيقي لـ«حزب الله»؟ وهل سيقوم بري بمبادرة ما لحل هذه العقدة؟
ثالثاً: تكشف أوساط «التيار» أنّ عون متمسّك بتعيين الإسم السني من حصته، أيّاً كانت الصيَغ المطروحة لحل مسألة التمثيل السني.
وتشير الى «انّ توزيع أسماء الموارنة أضافت الى مشكلة التوزير السني مشكلة إضافية ستجعل من الصعب على عون التخلّي عن تسمية السني من حصته، في اعتبار أنّ حصة «التيار» والرئيس اذا تضمّنت مارونيين (باسيل وابراهيم كنعان لوزارة العدل) فسيتوليان حقيبتين محددتين، وعندها ستتوزع الحقائب الأخرى على الاسماء الارثوذكسية وعلى الوزير السني والأرمني، وعندها لن يساوم «فريقنا» على الاسم السني لأنه سيتولى حقيبة أساسية، وعون سيُسمّيه، وعلى من اخترع المشكلة أن يساهم في حلها».
ـ رابعاً، لا تُسقِط أوساط «التيار» الاهمية عن أزمة توزيع الوزراء الموارنة، وهي تعتبر انّ توقيت طرحها ليس مناسباً بسبب عقدة التوزير السني.
لكنها تشير الى «انها ستخلق أزمة، خصوصاً بالنسبة الى التمثيل الأرمني، فإذا كان اختيار «القوات اللبنانية» للوزير العتيد ريشار قيومجيان لتوَلّي حقيبة مهمة كوزارة الشؤون الاجتماعية، فماذا سيكون نصيب حزب «الطاشناق» من الحقائب، في ظل ما للطائفة الأرمنية من حصة فيها؟ وكيف يمكن القبول بوزيرين مارونيين فقط لعون و«التيار الوطني الحر»؟ وهل سينعكس ذلك على عملية التبادل السني ـ المسيحي مع الحريري
الجمهورية