على مرمى 17 يوماً من انتخاباته النيابية، وبعدما «التقَط أنفاسَه» عقب ضربةِ «نحن هنا» التي نفّذها التحالف الثلاثي الغربي في سورية، يتلقّف لبنان بقلقٍ مؤشرات «ربْط الأحزمة» التصاعُدي على الجبهة الاسرائيلية – الإيرانية التي يُخشى أن تنفجر في سورية وتجرّ «بلاد الأرز» إلى «فوهتها»، فيما تَمضي بيروت في تعزيز «أحزمة الأمان» الدولية لـ «صمودها» الأمني والاقتصادي والمالي عبر مؤتمرات الدعم التي بدأتْ من روما ثم باريس وتكتمل حلقاتها في 24 و25 الجاري في بروكسيل.
وإذ تُثْقِل التوترات الإقليمية على استحقاق 6 مايو رغم استبعاد أوساط متابعة تطورات دراماتيكية في الفترة الفاصلة عنه، فإن المشهد السياسي في بيروت أمس تَوزّع بين استكمال «تزييت» المحركات الانتخابية، ووضع اللمسات الأخيرة على «ملف لبنان» الى مؤتمر بروكسيل حول النازحين السوريين، وعودة نحو 500 منهم أمس من شبعا (الجنوب) إلى بيت جنّ في ريف دمشق.
وفي الملف الانتخابي، وعلى وقع إعطاء وزارتيْ الخارجية والداخلية «صفارة» انطلاق العدّ التنازلي لانتخاب اللبنانيين المغتربين في أماكن وجودهم في الخارج يوميْ 27 ( في الكويت، والسعودية، والإمارات، وقطر، وسلطنة عُمان ومصر) و29 الجاري (في 34 دولة أجنبية أخرى)، اكتسبتْ إطلالة «حزب الله» على «عاصمة الموارنة»، أي دائرة كسروان – جبيل، رمزية كبيرة في ضوء «المعركة الكبرى» التي يخوضها الحزب في هذه الدائرة لإيصال مرشّحه الشيعي (عن جبيل) الشيخ حسين زعيتر المنضوي من ضمن «لائحة التضامن الوطني»، التي عقدتْ مساء امس لقاءً انتخابياً في كسروان، وتخوض سباقاً مع مجموعة لوائح «ذات ثقل» مسيحي وبينها لائحة حليفه «التيار الوطني الحر» الذي رفض ضمّ زعيتر الذي يسعى الحزب جاهداً لتوفير «شرعية مسيحية» لانتخابه.
وفي حين يستعدّ زعيم «تيار المستقبل» رئيس الحكومة سعد الحريري لجولات انتخابية جديدة تحمله إلى الشوف وصيدا، كانت محطته عصر أول من امس في «قريطم» (حيث دارة والده الرئيس الشهيد رفيق الحريري في بيروت) مع جيران الدار مشحونة بالعواطف والذكريات المحبوسة داخل جدران القصر والتي لم يقوَ الحريري الابن على حبْس دموعه بإزائها حين أطلّ متأثّراً لحظة الوقوف في الباحة فبكى وأبكى الحاضرين، قبل أن يعلن «ان الانتخابات مصيرية بالنسبة لبيروت لأنّ هناك من يحاول أن يلغي تيار المستقبل وقصر قريطم وبيت الوسط»، مضيفاً: «ربما تسيل الدمعة ولكن نحن (قدها) ليس من باب الضعف بل التأثر».
ولم يمنع المناخ الانتخابي الصاخب الرئيس الحريري من متابعة التحضيرات لانعقاد مؤتمر بروكسيل – 2 من أجل مساعدة لبنان على تحمل أعباء النزوح السوري وذلك عبر سلسلة اجتماعات جاءت بالتزامن مع إجلاء نحو 500 نازح سوري من شبعا عبر نقطة المصنع الحدودية إلى بيت جن ومزرعة بيت جن في ريف دمشق.
وبدأت «رحلة العودة» التي تمت بالتنسيق بين الأمن العام اللبناني والجهات السورية المعنية بعد عبور باصات من الداخل السوري إلى شبعا التي انتقل منها النازحون الى بيت جن كنتيجة لاتفاق المصالحة الذي سبق ان توّصل إليه النظام والفصائل المعارضة في هذه المنطقة.
وفيما تعاطتْ دوائر مراقبة مع هذه العملية على أنها يمكن أن تكون نموذجاً لحلقات أخرى على قاعدة المصالحات السورية – السورية، أي بمعزل عن الحكومة اللبنانية وأي تنسيق بينها وبين النظام السوري، فإن المفوضية العليا للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين لم تكن بعيدة عن هذا الحدَث وإن لم تكن شريكة في صنعه ولا تنظيمه، وهي أصدرت بياناً أكدت فيه انها «تحترم القرارات الفردية للاجئين بالعودة إلى بلدهم، عندما يتخذونها دون ضغوط، وبعد تقييم المعلومات المتاحة بعناية».
(الراي)