عاد أمس، 42 نازحاً سورياً من لبنان إلى بلداتهم في ريف دمشق في إطار مصالحة مع النظام السوري.
وأكد مصدر في الأمن العام اللبناني لـ «الحياة» أن هؤلاء النازحين رتبوا تفاصيل عودتهم بانفسهم مع النظام السوري وكانت للأمن العام اللبناني «مساهمة» في ذلك. وأشار إلى «أن هناك دفعات أخرى من النازحين السوريين تستعد للعودة الى سورية من مختلف مخيمات اللجوء في لبنان».
وكانت حافلتان سوريتان وصلتا إلى نقطة الحدود اللبنانية- السورية في المصنع حيث تجمع النازحون مع امتعتهم. وكان في داخل كل حافلة عسكري سوري من الفرقة الرابعة في الجيش السوري، وفق ما علمت «الحياة» من مصدر أمني حدودي. وبعد التدقيق في جميع الأسماء انطلقت الحافلتان في اتجاه الأراضي السورية.
كما غادر نازحون بسياراتهم الخاصة. وتمت عملية المغادرة بمعرفة المفوضية السامية لشؤون اللاجئين.
وأكدت الناطقة باسم المفوضية ليزا أبو خالد لـ «الحياة» أن ممثلين عن المفوضية كانوا حاضرين خلال عودة النازحين من لبنان إلى سورية. وكان دورهم مثل كل مرة الإجابة عن أسئلة النازحين اذا كانت لديهم اسئلة وكنا نساعد جمعيات أهلية كانت تزود العائدين بأدوية أو بلقاحات للأطفال».
وستنتظر المفوضية لوائح الأمن العام بالمغادرين للتدقيق في ما إذا كانوا مسجلين لدى المفوضية كنازحين وما إذا كانوا من مخيمات النزوح في لبنان أو كانوا يعيشون خارج المخيمات.
في حين ، علمت «الجمهورية» أنّ ملف النزوح سيَشهد عودةَ آلاف النازحين من مختلف المناطق اللبنانية، ومِن بينهم نازحون معارضون للنظام السوري، بالتوازي مع مصالحات ستجري في سوريا.
وقالت مصادر في فريق 8 آذار لـ«الجمهورية»:» إنّ إعلان السيّد نصرالله التواصلَ مع النازحين مباشرةً، وتشكيلَ لوائح لعرضِها على الجهات المعنية في سوريا، لم يأتِ مِن عدم أو فراغ، بل جاء بعدما بلغ هذا الملف حدّاً غيرَ مقبول، والرسائل القاسية التي وصلت من الجانب السوري إلى الجانب اللبناني عبر قنوات خاصة، والاستياء من طريقة التعاطي اللبناني مع هذا الملف وإدخاله في المعمعة وبازار السياسة وتكرار سماعِ معزوفة التواصل مع الحكومة السورية أم عدمه، والمماطلة وعدم الوضوح خلال كلّ الفترة السابقة حيث حاولت الحكومة السورية مراراً وتكراراً التواصلَ مع المعنيين في لبنان عبر قنوات خاصة وبعيداً من الإعلام مراعاةً لحساسية الوضع والانقسام السائد حول هذا الملف. لكنْ تبيَّن عدم جدّية التعاطي اللبناني مع هذا الملف ودخوله في حسابات داخلية واستعماله دائماً كورقة ضغطٍ في تعاطي القوى السياسية مع بعضها البعض وحتى مع الخارج، مِن هنا جاء تدخّل «حزب الله» في هذا الملف».
الى ذلك، قال مصدر ديبلوماسي فرنسي رفيع إن باريس ترى أنه ينبغي أن تشكل الحكومة اللبنانية وتبدأ الإصلاحات كي يبدأ تنفيذ خطة مؤتمر «سيدر»، وأن يتم وضع لجنة متابعة للخطة.
وكان مستشار الرئيس الفرنسي لشؤون الشرق الاوسط أوريليان لو شوفالييه زار بيروت الأسبوع الماضي والتقى الرئيس المكلف تشكيل الحكومة سعد الحريري ورئيس الحزب «التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط ومستشارة الرئيس اللبناني ميراي ميشال عون ومدير مكتبه أنطوان شقير.
وقال المصدر الديبلوماسي إن باريس تعد لزيارة الرئيس إيمانويل ماكرون إلى بيروت في الخريف المقبل، ولكن المسؤولين لا يريدون البدء بتنظيم الزيارة طالما ليس هناك حكومة.
وكان لوشوفالييه بحث خلال زيارته الى بيروت مع السفير برونو فوشي مضمون برنامج زيارة ماكرون، وفق المصدر، ولكن تحديد توقيت الزيارة لا يمكن أن يتم طالما ليست هناك حكومة، وستكون زيارة يوم واحد، على أن يمضي ماكرون ليلة في لبنان وينتقل بعدها إلى الأردن، كما قال المصدر الفرنسي.
ولفت المصدر إلى أن المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل حصلت لألمانيا على موقع في لجنة متابعة خطة سيدر.
وعن إصرار المسؤولين اللبنانيين على إعادة اللاجئين الى سورية، كشف المصدر أن هناك تطوراً في موقف لبنان وأيضاً الموقف الفرنسي، إذ إن خلال زيارة الدولة التي كان قام بها الرئيس ميشال عون إلى فرنسا كان هناك خلاف واضح في الموقفين الفرنسي واللبناني حول عودة اللاجئين إلى سورية. كانت باريس تقول إنه طالما ليست هناك انطلاقة للمرحلة الانتقالية في سورية لا يمكن التحدث عن عودة اللاجئين الى سورية، والآن فرنسا تقول: إذا كانت الظروف تسمح بعودة بعض اللاجئين الى بعض الأماكن بحسب ما تقوله المفوضية العليا للاجئين التابعة للامم المتحدة، فليعودوا، وهذا هو أيضًا الموقف اللبناني الآن، فبعد تصريحات وزير الخارجية جبران باسيل حول ضرورة مغادرتهم وخلافه مع المفوضية العليا للأمم المتحدة، التقى في جنيف رئيس المفوضية، ما جعله يخفف من لهجته بالنسبة إلى ذا الموضوع.
ولفت المصدر الفرنسي الى أن باسيل أبدى بعض المرونة في موقفه إزاء المشاركة في الحكومة.
وقال المصدر: «إن الجانب اللبناني تأكد أن النظام السوري لا يريد فعلاً عودتهم وتم التحدث عن هذا الموضوع بين لوشوفالييه وميراي عون خلال لقائهما. فلبنان مدرك أن النظام السوري لم يعطهم التصاريح التي تسمح بعودتهم، فهناك ٣٠٠٠ لاجئ بإمكانهم ان يعودوا والمفوضية العليا للأمم المتحدة قالت إن بامكانهم الذهاب الى القلمون، لكن النظام السوري لا يعطي التصاريح، وسمح بعودة ٢٠٠ وأعطى تصاريح لعدد آخر من النساء فقط من دون الرجال. وباريس تتفهم أن اللجوء السوري عبء كبير على لبنان ولكن ترى أن النظام لا يريد تسهيل ذلك.
وتابع المصدر إن القول إن «حزب الله» كان الرابح الأكبر في الانتخابات ليس دقيقاً ولو أن له السيطرة على القطاعات الأساسية، المال والدفاع والخارجية والعدل، وأنه لا يطلب مباشرة تولي هذه الوزارات بل وزارات خدمات اجتماعية.
وقال إن الانطباع السائد أن إسرائيل لن تشن هجوماً على لبنان، وأن «حزب الله» ليس له مصلحة في القيام بعمل هجومي على إسرائيل حالياً.
(الحياة- الجمهورية)