قبل يومين من الذكرى 44 لحرب العام 1975 التي يحلو لبعض اللبنانيين تسميتها بـ«حرب الآخرين على أرضنا»، ترتسم مفارقةٌ بارزة مع انهماك «بلاد الأرز» في خوض معركة مزدوجة، الأولى لمنْع انهيارٍ مالي – اقتصادي، والثانية لتفادي جرّه ليكون إحدى ساحات حروب الآخَرين المستعرة في أكثر من بقعة في المنطقة.
وإذا كانت الورشةُ الداخلية التي تشهدها بيروت في محاولةٍ للتكيّف مع الشروط الإصلاحية المالية التي يفرضها مؤتمر «سيدر» للاستفادة من مخصصاته (11 مليار دولار) تجْري بصخبٍ وزخمٍ يفْرضه السباقُ مع الوقت (قبل نهاية مايو) الفاصل عن ضرورة وضْع البلاد على سكة الالتزام بموجبات «سيدر»، فإنّ مساراً «صامتاً» تسلكه محاولاتُ إبقاء الواقع اللبناني في وضعية «الحرب الباردة» داخلياً وتَلافي انزلاقه إلى «الفالق الأخطر» في خط الزلازل الذي تشكّله المواجهة الأميركية – الإيرانية المفتوحة والتي تقع «بلاد الأرز» على تماسٍ تلقائي معها انطلاقاً من كون «حزب الله» أحد «حلقاتها» و«أهدافها».
وفي حين لمح الأمين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصرالله، أمس، إلى إمكانية قيام إيران وحلفائها بالرد إذا شددت أميركا العقوبات، قائلاً إن كل الخيارات مطروحة على الطاولة إذا اتخذت واشنطن إجراءات «تهدد شعبنا»، انشغلت بيروت بالحِراك الذي سُجّل على خطيْن:
* الأول حركة الزوار الأجانب التي شملتْ أمس مغادرة رئيس بلغاريا رومين راديف، على ان يصل اليوم الرئيس اليوناني بروكوبيوس بافلوبولوس، فيما شهدت بيروت اجتماعاتٍ لبنانية مع وزيريْ الخارجية والسياحة لكل من اليونان وقبرص (حضر أيضاً وزير النفط فيها) تناولتْ آفاق التعاون السياسي والاقتصادي وموضوع النازحين، على أن يجري اليوم اجتماعٌ لبناني – قبرصي مخصّص لترسيم الحدود البحرية ضمن المنطقة الاقتصادية الخالصة، وهو العنوان الذي يطلّ على ملف النفط والغاز الذي أطلق لبنان قبل أيام دورة التراخيص الثانية للتنقيب عنهما في البلوكات 1، 2، 5، 8 و10.
وقد واكب الرئيس ميشال عون الاجتماعات، واستقبل وزير الشؤون الخارجية في قبرص نيكوس كريستودوليديس الذي نقل إليه دعوة لزيارة قبرص وعقد قمة تجمعهما مع الرئيس اليوناني بهدف تكريس الاتفاقات التي تم التوصل إليها خلال لقاءات بيروت.
وأكد عون «وجود مصلحة مشتركة للتعاون في مجال دعم لبنان في سعيه لإعادة النازحين السوريين إلى المناطق الآمنة في سورية، والإسراع في إيجاد حل للوضع هناك»، لافتاً إلى «ضرورة التنسيق الأمني بين لبنان وقبرص لضبط الطريق البحرية التي يمكن أن يستخدمها الارهابيون لتنقلهم بعد اندحارهم في سورية».
* والخط الثاني تأكيد رئيس الحكومة سعد الحريري «أن الموازنة هي سلسلة إجراءات لمصلحة المواطن ونقطة عالسطر». وقال: «يجب أن نوقف المزايدات ونتطلع الى مصلحة البلاد الاقتصادية والمالية ونقوم بإجراءات قاسية قليلاً لعام أو عامين لإنقاذ لبنان»، معلناً «هذه الموازنة ستكون فيها قرارات صعبة جداً».
الراي