كتبت نادين سفرجلاني شاشو:
26 نيسان 2005 تاريخ طبع في الذاكرة اللبنانية، طبع في اللاوعي المجتمعي اللبناني، تاريخ انتهى معه وجود قوات الردع السورية على الأراضي اللبنانية الذي امتد على مدى 29 سنة منذ لحظة تدخلها بالحرب الأهلية اللبنانية بطلب من رئيس الجمهورية اللبنانية سليمان فرنجية آنذاك لحماية المسيحيين، الى ان خرجت في نيسان 2005.
اليوم ، ربما ترى سوريا بشار الأسد، أنه آن آوان العودة الى لبنان على الرغم من استمرار المعارك فيها، ولربما يستند النظام السوري في ذلك الى احتمالات وجود حلول سياسية تؤدي الى إنهاء الحرب في سوريا واستتباب الأمن من جديد والعودة الى ما قبل عام 2011 ولو مع تغييرات بسيطة في أداء النظام السوري في السياسة السورية.
وفي هذا السياق، يتمتع لبنان اليوم، لبنان 2023 بكل مقومات العودة السورية وعلى كافة المستويات من دولية وإقليمية وداخلية.
أولا، المستوى الدولي
تنهمك السياسة الامريكية في صراعها الاقتصادي والسياسي مع الصين ومع روسيا، وهي بهذا تكون بدلت البوصلة وتحولت الى آسيا بكل طاقتها، تاركة الساحة الشرق أوسطية لتخبطها وعدم قدرة الدول الأوروبية على وضع أي تصور للقلاقل في الشرق الأوسط.
وهي ، أي أمريكا، لم تبد أي رأي واضح في الاجتماع الخماسي بين فرنسا والسعودية وقطر ومصر الذي عقد في فرنسا، حول لبنان حيث لم تعلق ( أمريكا) حول طرح فرنسا لسليمان فرنجية للرئاسة اللبنانية، في حين رفضت كل من السعودية وقطر اسم فرنجية للرئاسة.
ثانيا، المستوى الإقليمي
ساهم وصول النظام الإيراني الى حائط مسدود في مسألة سيطرته على الشارع الإيراني منذ شهر أيلول الفائت، فضلا عن المأزق الاقتصادي للبلاد، الأمر الذي دفع بالنظام الى إرسال إشارات بحسن نية تجاه المملكة العربية السعودية لينتهي الامر بعقد اتفاق ثلاثي إيراني – سعودي – صيني تم التوقيع عليه في بكين على أن تضمن الأخيرة تنفيذ ايران لبنود الاتفاق.
اتفاق يضمن الأمن القومي السعودي من خلال تعهد ايران بوقف دعمها الحوثيين في اليمن، أحد أهم ما تريده المملكة من ايران.
الى هذا توصلت ايران الى اتفاق مع الحكومة العراقية على أمور الامن والاقتصاد بين البلدين. وهناك معلومات عن محادثات بين ايران والبحرين قد يؤدي الى اتفاق إيراني – بحريني.
من جهة أخرى، أتت مصيبة الزلزال الذي ضرب الشمال السوري في السادس من شباط الماضي، حيث ساهم في إعادة الدول الإقليمية الى سوريا وفتح باب الحوارات مع بشار الأسد، وقد زار الأسد الامارات الاحد، وتدور مناقشات لاعادة سوريا الى موقعها وكرسيها في جامعة الدول العربية.
ثالثا، المستوى الداخلي
يعاني لبنان منذ ثلاث سنوات من أزمة مالية حادة، حيث تدهورت الأوضاع بشكل متسارع في الأيام القليلة الأخيرة، وصل الدولار الى عتبة ال 125 الف ليرة للدولار الواحد. لبنان المنهار على كل الصعد ، ينهار اليوم ماليا.
فشلت الحكومات المتعاقبة منذ العامً2005 في تحقيق أي تقدم او تطور في الاقتصاد بل على العكس كل الوعود فشلت وعلى جميع الأصعدة، حتى الجسم القضائي في لبنان بدأ بالتفكك لا سيما بعد انفجار مرفأ بيروت في أب 2020.
وآخر الأزمات هي امتثال حاكم مصرف لبنان رياض سلامة للتحقيق. مما ساهم في تعميق الازمة المالية وبالتالي تفاقم الازمة المعيشية.
وقائع اذا ما جمعت نرى ان هناك إشارات الى إمكانية عودة النظام السوري الى لبنان. فرنسا لا مانع لديها بانتخاب سليمان فرنجية وهو معروف بولائه لسوريا، وهو الذي تم ترشيحه من قبل حلفاء سوريا، هذا بالإضافة الى المعلومات عن استقبال سليمان فرنجية في دمشق استقبال الرؤساء حيث سمع كلام يؤكد له وصوله الى قصر بعيدا، او على الأقل اذا ما تعذر وصوله فهو من سيختار اسم الرئيس.
لا شك ان فرنجية يراهن مع حلفائه على تغيير السعودية موقفها لا سيما في حال عاد بشار الأسد الى جامعة الدول العربية، ويبدو ان هذا الرهان يسير على الطريق الصحيح لوصول فرنجية الى كرسي بعبدا، من خلال ما ادلى به وليد جنبلاط الذي قال انه مستعد للسماح لخمسة نواب من كتلة الاشتراكي لتأمين ال 65 صوتا لفرنجية في حال قبلت السعودية بفرنجية رئيسا.
وبهذا يعود لبنان لإملاءات سوريا مع فارق بسيط عدم الضرورة لوجود عسكري سوري على الأراضي اللبنانية. واذا انتخب سليمان الحفيد يكون هو المدخل السوري الثاني الى لبنان بعد ان كان جده فرنجية هو مدخل السوري الأول الى لبنان عام 1976.