مصادر متابعة لمجريات الاحداث في منطقة الشرق الاوسط، ترى ان قرار الحفاظ على الاستقرار في لبنان متفق عليه من مختلف القوى الدولية، وتواكب هذا الاتفاق قناعة ثابتة عند الاغلبية الساحقة من القوى السياسية اللبنانية، على اعتبار ان اي مغامرة غير محسوبة، لأي من القوى او الطوائف اللبنانية، ستجر الويلات على أصحابها بالدرجة الاولى، ويمكن ان تؤدي الى نتائج عكسية.
كما ان محاولات البعض استخدام الوضع الفلسطيني في المخيمات، والتلطي خلفه لإحداث فوضى، لا يمكن له ان يمر، نظرا للاتفاق بين كل القوى الفلسطينية الاساسية على عدم التدخل في الشؤون اللبنانية، ولأن اي فلتان امني لبعض المجموعات، سيتم التصدي له بحزم من قبل القوى الشرعية اللبنانية، وقد تؤدي نتائجه الى إلغاء اتفاق القاهرة للعام 1969، والذي بموجبه تم منح الشرعية للسلاح الفلسطيني داخل مخيمات اللاجئين في لبنان.
وساهمت رؤية الويلات التي نتجت عن الفوضى المسلحة التي حدثت في سورية والعراق واليمن وليبيا، بخلق اجواء من الوعي السياسي في لبنان، نظرا لما يمكن ان يحدث إذا ما خرج اي طرف عن موجبات العقد الوطني، وحاول الاستقواء بالسلاح لتغيير المعادلات، فالنتيجة ستكون وخيمة.
وتجربة مايو من العام 2008 لم تكن موفقة، وهي لم تغير اي زاوية من زوايا اتفاق الطائف، على عكس ما يعتقد البعض، بل تحول الضعف العسكري لبعض الاطراف مصدر قوة، كما ان بعض الاطراف التي حملت السلاح، خسرت من مكانتها عند اللبنانيين، لأن اللبنانيين جميعهم لا يرغبون في الفوضى، ويخافون من مستقبل اي تطرف، ولأنهم دفعوا ثمنا غاليا من حياة ابنائهم، ومن ممتلكاتهم من جراء الاعمال القتالية التي حصلت في الماضي إبان الحرب الاهلية، او من جراء العدوان الاسرائيلي.
في ذاكرة اغلبية اللبنانيين رؤى عن معادلات الانتصار او الهزيمة، او عن تجارب قديمة تفرض على كل المجموعات المكونة للشعب اللبناني ـ لاسيما الطوائف والمذاهب ـ اخذ الاحتياطات العسكرية، خوفا من تمادي بعضها ضد البعض الآخر. وتؤكد مراجع واسعة الإطلاع على ما يجري، ان هذه المعادلة انتهت، ولا يمكن التهويل بها مرة جديدة.
القرار بتسليم الدولة اللبنانية كل المهام الامنية والدفاعية مأخوذ من قبل كل المعنيين، وتقوية الجيش والقوى الامنية الأخرى مهمة لبنانية ودولية جامعة، وبعض التجاوزات التي تحصل بين الحين والآخر من قبل جهات لبنانية او فلسطينية او عراقية، تعتبر استثناء في طريقه الى التآكل.
وليس من مصلحة اي جهة لبنانية ـ بما في ذلك الاحزاب التي تملك سلاح ـ ان تغطي ايا من الحالات الشاذة، وهي تعلم ان مساحة التحرك لها محدودة في هذا السياق، وهي محاصرة بطبيعة الحال فيما لو قررت تجاوز الخطوط الحمراء الموضوعة امامها لبنانيا ودوليا.
لذا فإن اغلبية القوى السياسية قررت ان تترك موضوع السلاح غير الشرعي الى المفاوضات، لأنه يرتبط بأوضاع اقليمية معقدة، وفي الوقت ذاته، فلدى المجموعات اللبنانية كافة تطمينات بأن السلاح الموجود خارج ايدي القوى النظامية لن يستخدم في الداخل، وإذا ما فكرت اي جهة لبنانية او فلسطينية او سورية او عراقية او غيرها الدخول في اي عملية تؤدي الى إرباك الامن في لبنان ستدفع الثمن غاليا، وسيرتد الامر عليها.
ودائما وفقا لمعلومات المراجع الواسعة الإطلاع.
(الانباء الكويتية)