جريدة الكترونية تأسست
1/1/2015
الرئيسية / أبرز الأخبار / لافروف يستخدم الحدود اللبنانية والسورية لتوجيه رسائل أوكرانية للإسرائيليين
lvl220230330091746749

لافروف يستخدم الحدود اللبنانية والسورية لتوجيه رسائل أوكرانية للإسرائيليين

 

جاء في نداء الوطن:

إختار «سيّد» الدبلوماسية الروسية وزير الخارجية سيرغي لافروف اللقاء الخاص في قصر الضيافة التابع للوزارة مع السفراء العرب المعتمدين لدى روسيا برئاسة عميد السلك الدبلوماسي العربي سفير لبنان شوقي بو نصار، لتوجيه رسائل عابرة للحدود والقارات. وكما يبدو، فقد تقصّد لافروف هذا اللقاء للقول إن بلاده حاضرة على كل الساحات وهي دولة عظمى ولا تسرق الحرب الأوكرانية إهتمامها من بقية الساحات المشتعلة.

في صيف 2021 كان هناك تفكير جدّي من قبل لافروف بالإستقالة من منصب وزارة الخارجية الروسية، لكن حاجة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إليه ومن ثمّ إندلاع الحرب الروسية – الأوكرانية، جعلاه يتريّث. عند اندلاع المعركة لا يمكن تغيير القيادة، فكيف الحال بالنسبة إلى لافروف، صاحب الخبرة الدبلوماسية الواسعة والضليع بالكثير من الملفات.

وإذا كان اللقاء مع السفراء العرب، والذي حصل بمشاركة مبعوث الرئيس بوتين إلى الشرق الأوسط وأفريقيا نائب وزير الخارجية ميخائيل بوغدانوف وعدد من كبار المسؤولين في إدارة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في الوزارة، هو دوريّ، إلا أنّ لموسكو حسابات أخرى. فقد اختار لافروف الهدف والمكان والزمان لتوجيه الرسائل.

لا يمكن إنكار وجود تناغم بين إدارة بوتين وإسرائيل منذ وصول الأول إلى سدّة الحكم في موسكو، وهذا التناغم استكمل بعد اندلاع الحرب السورية، فموسكو قاتلت إلى جانب نظام الرئيس بشار الأسد وطهران والميليشيات الشيعية التابعة لها وعلى رأسها «حزب الله» لمنع انهيار النظام، لكن هذا التحالف إقتصر على دعم صمود الأسد، بينما في الإستراتيجيا، فقد تقاسمت موسكو وتل أبيب الأجواء اللبنانية، حيث تستعمل موسكو شمال لبنان، في حين سمحت موسكو لطائرات تل أبيب بتنفيذ غارات على مراكز «حزب الله» والحرس الثوري الإيراني في سوريا مستخدمةً الأجواء اللبنانية من الجنوب حتى جبيل والبقاع.

وإذا كان التنسيق الروسي- الإسرائيلي في أتمّ أحواله في سوريا، إلا أن هناك تبايناً كبيراً في الملف الأوكراني. وتؤكّد معلومات دبلوماسية وجود هذا الإختلاف، فالموقف الإسرائيلي من الحرب في أوكرانيا يزعج الروس مع بروز تقارير تؤكّد تدخّل تل أبيب ودعمها للرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، مع تقديرات بإبقاء الخلاف الروسي – الإسرائيلي ضمن ضوابط لكي لا يتفاقم. لا شكّ أنّ موقف لافروف أمام بو نصار والسفراء في ما خصّ الصراع الفلسطيني- الاسرائيلي كان متقدماً. إذ أعلن استعداد موسكو للقيام بمبادرة تهدف أولاً إلى تحقيق المصالحة بين السلطة الفلسطينية وكافة الفصائل المعارضة وعلى رأسها حركة «حماس» وبعدها العمل على صياغة موقف موحّد يكون بمثابة خريطة طريق نحو الحل المنشود على أساس إقامة دولة فلسطينية مستقلّة وفق حدود 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.

لكن الرسالة الروسية الأقسى كانت من خلال لبنان وسوريا، حيث أكد لافروف للسفراء وقوف موسكو إلى جانب سوريا ولبنان في المطالبة بتحرير الأراضي التي تحتلها إسرائيل في الجولان وجنوب لبنان.

وفي قراءة دبلوماسية، يُعتبر هذا الموقف متقدّماً جداً، وهو بمثابة رسالة واضحة لإسرائيل، وإعتراف روسي بحقّ لبنان وسوريا بتحرير أرضهما، وهو الموقف الأهم الذي يصدر بعد ترسيم الحدود البحرية اللبنانية – الإسرائيلية والحديث عن إمكانية الترسيم البرّي. ويخرج هذا الموقف عن «الكلاسيكية» التي تعوّدت موسكو التعامل معها في تناول الصراع العربي- الإسرائيلي، وسط الحديث عن إمكانية دخول موسكو كوسيط لحلّ مثل هكذا صراع.

وأراد لافروف توجيه رسالة مزدوجة، الأولى إلى تل أبيب مفادها، «أوقفوا دعم زيلينسكي لكي لا نتطرّف أكثر بالنسبة إلى الصراع العربي – الإسرائيلي». أمّا الرسالة الثانية فهي إلى واشنطن، للقول لها إنكم فشلتم في حلّ الصراع العربي- الإسرائيلي ونحن مستعدون للدخول كوسيط، وكل ذلك للضغط من أجل وقف دعم واشنطن والغرب لأوكرانيا.

وإذا كان لافروف قد أشار إلى عمق العلاقات الثنائية بين روسيا والدول العربية ولا سيما منها دول الخليج التي ارتفعت أرقام التبادل التجاري معها عدة أضعاف خلال السنوات الاخيرة لتصل إلى أكثر من 11 مليار دولار أميركي بالرغم من العقوبات الأميركية والغربية المفروضة على روسيا، إلا أنه أعلن عن تقدير بلاده للمواقف العربية المتّزنة والمسؤولة تجاه النزاعات الدولية ومنها العملية العسكرية الروسية الجارية في أوكرانيا. تلقّف السفراء العرب كلام لافروف بايجابية، فقد عبّر بو نصار عن تقدير الجانب العربي للموقف الروسي الداعي إلى ضرورة الوصول إلى حل شامل وعادل للقضية الفلسطينية على أساس المرجعيات الدولية وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة ومبادرة السلام العربية التي أطلقت خلال اجتماعات القمّة العربية في بيروت عام 2002.

والأهم بالنسبة إلى لبنان هو وجود نفس الوجع مع دول عربية أخرى بالنسبة إلى قضية النزوح، فقد أثار سفيرا لبنان والأردن موضوع النازحين السوريين الموجودين بأعداد كبيرة جداً في بلديهما وطالبا بضرورة استمرار الجهود المبذولة من المجتمع الدولي وخاصة من قبل الجانب الروسي من أجل إيجاد حلول سريعة تؤمّن عودة كريمة وآمنه لهم إلى بلدهم الأصلي خاصة، فكان وعد روسي بالتحرّك لحلّ هذه القضية.