تنتظر بيروت أم المعارك الانتخابية في أيار المقبل، بين لائحة السلطة بقيادة رئيس الحكومة سعد الحريري ولائحة المعارضة البيروتية التي يدعمها وزير العدل السابق اللواء أشرف ريفي، حيث تشير المعلومات المتوافرة إلى تحضيرات مكثفة وعلى جميع الصعد، ستتمخض نهاية هذا الشهر عن إعلان تشكيلة متكاملة للائحة المعارضة حسب ما أفاد به مصدر قريب من ريفي لـ “زواريب”.
المعركة في بيروت تتسم بحساسية بالغة لكونها في العاصمة أولاً، وحيث يترشح رئيس الحكومة زعيم تيار المستقبل ثانياً، ولأن المعركة محتدمة بين خطين سياسيين متعارضين داخل الساحة السنية، الأول يتمسك بمبادئ ثورة الأرز وحركة 14 آذار والتي تبلورت بعد استشهاد الرئيس رفيق الحريري عام 2005، وهو ما يظهر جلياً في الخطاب السياسي لريفي والثاني يعتمد سياسة الأمر الواقع بالتحالف مع التيار الوطني الحر بقيادة وزير الخارجية جبران باسيل، وبالتكامل مع معسكر 8 آذار ضمناً، فيما بات يعرف بتحالف المصالح الذي يمثله الحريري ضد تحالف المبادئ الذي يمثله ريفي.
أما بالنسبة إلى الحراك الانتخابي في بيروت والذي بدأ بالتسارع في الأيام الأخيرة، فإن قانون النسبية رفع من آمال الشخصيات والقوى الناشطة في الشأن العام، من أجل تشكيل لوائح مستقلة عن لائحة السلطة، لكن تشرذم هذه القوى وعدم تمتعها بخطاب سياسي واضح، لا يخوّلها أن تكون كتلة وازنة بمواجهة اللائحة الأخرى. بل إن مصلحة السلطة تكمن في تشكّل أكثر من لائحة في بيروت لتشتيت أصوات المعارضة وتسهيل فوزها في الانتخابات لا سيما مع انتشار حالة التذمر لدى البيارتة من الأحوال التي يعيشونها ومن السياسات التي يعانون منها. وعليه، فإن انخفاض نسبة الاقتراع السني سيكون من أهم العوامل التي يراهن عليه المراهنون من أجل فوز مضمون، لأن الاقتراع الاحتجاجي لو تم بشكل منظم ومنهجي ضمن رؤية سياسية بديلة من شأنه تبديل موازين القوى في المعركة القادمة. وكي يكون الاقتراع هادفاً بهذا الاتجاه فلا بد من وجود لائحة قوية للمعارضة، من هنا فإن الوزير ريفي مصرّ على خوض المعركة الانتخابية في بيروت بلائحة كاملة كما تؤكد المصادر.
أما عن المعايير التي تتشكل بها لائحة المعارضة، فقد أفادت مصادر ريفي لــ”زواريب” أن اللواء ريفي أعلن منذ انطلاق العمل العام الماضي أنه لن يشكّل لائحة بيروت، بل سيدعم المرشحين البيارتة الذين يحظون بمواصفات النزاهة والكفاءة والالتزام والحيثية الشعبية. وقد زارته وفود كثيرة من العائلات البيروتية والشخصيات، وأكد لهم ريفي ضرورة توافر هذه المواصفات في المرشحين، وأنه يفضّل أن تُخرج المدينة أفضل ما عندها من شباب مثقف وواعٍ بقضية التغيير ونصرة قضايا بيروت وتلبية حاجاتها الملحة ومعالجة أسباب الغبن والظلم التي يشعر بها البيارتة نتيجة تراكم السياسات الخاطئة من جهة، ولتسلط قوى الأمر الواقع على قرارها ومصالحها المشروعة من جهة أخرى.
وخلال أشهر طويلة من العمل والدرس والتواصل مع الفعاليات البيروتية، توصل المكتب الانتخابي لحملة ريفي في بيروت، إلى تحديد أسماء المرشحين السنة، في بيروت الثانية، وهم ستة مرشحين ستعلن أسماؤهم نهاية الشهر الجاري، فيما البحث جارٍ في أسماء المرشحين من الشيعة (اثنين) والدروز (واحد) والمسيحيين (إنجيلي واحد وأرثوذكسي واحد). ومن المتوقع حسب المكتب الانتخابي أن يُحدث الإعلان زخماً انتخابياً كبيراً في العاصمة مما ينفخ الروح في المياه الراكدة.
من جهة أخرى، رصد المراقبون للحملة الانتخابية في بيروت، محاولات دؤوبة من جانب تيار المستقبل لعرقلة تشكيل لائحة المعارضة البيروتية من خلال وسائل عدة، أولها ممارسة الضغوط النفسية على أي مرشح محتمل في هذه اللائحة لثنيه عن المشاركة، وثانيها محاولة تشويه صورة ريفي بوصفه القطب السني المعارض الأكثر جذرية في هذه المرحلة بتعليق اليافطات المسيئة له وحفلة الشتائم على وسائل التواصل الاجتماعي. وثالثها إشاعة أخبار كاذبة بين الأوساط المعارضة عن عدم نية ريفي خوض المعركة في بيروت وأن مكانه في طرابلس وحسب، وذلك لإبعاد المعارضين عن التكتل في لائحة المعارضة الرئيسية أو مناصرتها بأي شكل من الأشكال.
وهذه المؤشرات جميعها تدل على أمر واحد لا شك فيه، وهو أن السلطة لا تخشى لوائح المعارضة المتفرقة في بيروت بقدر ما تخشى تشكّل لائحة المعارضة البيروتية الموحدة ضمن خطاب سياسي متماسك ومتكامل الأركان والأهداف.