جريدة الكترونية تأسست
1/1/2015
الرئيسية / أبرز الأخبار / كيف سيدير لبنان مرحلة “الإطباق” على حزب الله؟

كيف سيدير لبنان مرحلة “الإطباق” على حزب الله؟

تَتزايدُ مؤشراتُ تَصدُّر «حزب الله» شاشات الرادار الإقليمية والدولية في سياق مساعي واشنطن وحلفائها لاحتواء نفوذ إيران وتحجيم أدوارها في المنطقة.

وشكّلت مصادقة مجلس النواب الأميركي، ليل أول من أمس، على 3 مشاريع قوانين تستهدف «الإطباق» المالي والسياسي على «حزب الله» إشارة متقدّمة الى انتقال إدارة الرئيس دونالد ترامب الى مرحلة ترجمة قرارها الاستراتيجي بالتصدّي لإيران و«أذرعها» العسكرية والأمنية وأبرزها «حزب الله»، وذلك في سياق محاولة وضْع قواعد جديدة للعبة «تَقاسُم النفوذ» في المنطقة من سورية والعراق وصولاً إلى اليمن ولبنان، وما سيترتّب عليها من ترسيمٍ لأدوار القوى الإقليمية في «الشرق الأوسط الجديد».

وفيما كانت تفاصيل مشاريع القوانين الثلاثة محلّ معاينة في بيروت بانتظار إقرارها في مجلس الشيوخ قبل أن يوقّعها ترامب، فإن الأنظار تتّجه الى الارتدادات المصرفية والسياسية والشعبية لهذا المسار التصاعُدي الذي يتقاطع مع تَشدُّد سعودي مماثل يتم التعبير عنه بأشكال عدّة كان آخرها الموقف المتقدّم الذي أطلقه ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان أمس بإعلانه أن حرب اليمن مستمرة «لمنع تَحوُّل الحوثيين الى (حزب الله) آخر على حدودنا»، وهو الكلام الذي انطوى على إشارة بالغة الدلالات الى ما بات يشكّله الحزب في نظر خصومه من «خطر إقليمي».

وإذا كان القطاع المصرفي اللبناني مُطْمَئنّ في ضوء محادثاته الأخيرة في واشنطن الى أن هذا القطاع سيكون بمنأى عن تداعيات العقوبات الجديدة على «حزب الله»، فإن الواقع السياسي في الطريق الى نفاذ هذه العقوبات لا يشي بأيّ منحى لتحميل الحزب الداخل اللبناني مسؤولية الاندفاعة الأميركية والخليجية بوجهه إدراكاً منه بأن هذا المناخ صار أكبر بكثير من لبنان و«لاعبيه المحليين» وانه جزء من الصراع الكبير في المنطقة وعليها، رغم مطالبته بـ «عدم الإذعان» للمطالب الأميركية بمعنى الحفاظ على الآليات التي كانت معتمَدة في محاكاة العقوبات السابقة.

أما شعبياً، فالترقب يسود لمدى قابلية «البيئة الحاضنة» لـ «حزب الله» على تحمُّل أعباء «الحصار المطبق» الذي سينجم عن تلك العقوبات المتعددة الجبهة، ولا سيما بعدما أظهرتْ حادثة عابرة في الضاحية الجنوبية لبيروت خلال إزالة مخالفات من محلة حيّ السلم تململاً في هذه البيئة التي عبّر قسم منها وعلى الهواء مباشرة عن نقمة ذات صلة بالأثمان التي تدفعها تلك البيئة جراء القتال في سورية والتورط في حروب متتالية وما يعكسه ذلك على واقعهم المعيشي والاجتماعي الصعب.

ومما يجعل هذا البُعد مطروحاً يتمثّل في الطبيعة الصارمة والموسّعة للعقوبات في مشاريع القوانين الثلاث ولا سيما مشروع «قانون التعديلات الخاصة بمنع التمويل الدولي لحزب الله 2017» الذي يشمل فرض عقوبات على أي جهة أو مموّل للحزب، كما يُلزم الرئيس الأميركي إعداد تقارير سنوية في شأن ثروة قياديّي الحزب، بينهم أمينه العام السيد حسن نصرالله، وأيّ داعم للحزب.

وحسب وسائل إعلام لبنانية تسنى لها الإطلاع على تفاصيل هذا المشروع، فإنه لا يوفّر ممثّلي «حزب الله» في الحكومة ومجلس النواب، فضلاً عن حلفائه السياسيين والمتعاملين معه في الخارج والأشخاص الأجانب الذين يساعدونه في جهود جمع التبرعات أو التجنيد وحتى «أي شخص آخر يقرر الرئيس أنه شخصية سياسية أجنبية رفيعة في حزب الله، أو مرتبطة بحزب الله، أو تقدم دعماً كبيراً لحزب الله».

وتوقّفت دوائر سياسية عند فقرة في المشروع أشارتْ الى «الجهود الرامية إلى إلغاء أو رفض التأشيرات للمتورطين في نشاط حزب الله في المنطقة، وبينهم المحامون والمحاسبون والشركاء التجاريون ومقدمو الخدمات والسياسيون الذين يسهلون أو يفشلون في اتخاذ تدابير لمكافحة التمويل غير المشروع لحزب الله ضمن ولاياتهم القضائية». علماً ان من بين المؤسسات المستهدفة للحزب: بيت المال، جهاد البناء، جمعية دعم المقاومة الإسلامية، فرع الحزب الخارجي، والمنابر الإعلامية المتمثّلة في قناة المنار وإذاعة النور.

أما مشروعا القانونين الآخرين، فأوّلهما تناول «معاقبة حزب الله على استخدامه غير المشروع للمدنيين العزل دروعاً لحمايته» وهو ينص على فرض عقوبات على أعضاء «حزب الله» المسؤولين عن استخدام المدنيين كدروع بشرية، والثاني حضّ الإتحاد الأوروبي على «تصنيف حزب الله بكامله منظمة إرهابية وزيادة الضغط عليه وأعضائه»، وتالياً عدم الفصل بين «جناح سياسي» و«جناح عسكري».

وتَرافق إقرار هذه الحزمة من العقوبات مع مواقف بارزة أطلقها مستشار الأمن القومي الأميركي، الجنرال هربرت ماكماستر، وشدد فيها على عزم الولايات المتحدة على مواجهة «حزب الله»، مركّزاً على أنّ «الشيء الأهم ليس فقط بالنسبة للولايات المتحدة بل لكل الدول، هو مواجهة آفة»حزب الله«ومواجهة آفة الإيرانيين والحرس الثوري الإيراني الّذين يدعمون عمليات الحزب»، فيما كان وزير الخزانة الأميركي ستيفن منوشين يعلن من الرياض أن بلاده «ستناقش مع حلفائها في المنطقة حزمة إجراءات رادعة ضد حزب الله».

وفي أول تعليق لـ «حزب الله» على إقرار المشاريع الثلاثة، وصفت كتلة نوابه عصر امس ما حصل بأنه «عدوان» و«تدخل سافر في الشأن اللبناني الداخلي وانتهاك للسيادة الوطنية واستهداف غير مقبول للشعب اللبناني»، محذّرة من «الإذعان (في الداخل اللبناني) لهذه الخطوة أو الخوف».