ورد في صحيفة “الأخبار”: تتكثف الاتصالات السياسية بهدف الضغط على وزير الاتصالات جمال الجراح للتراجع عن قراره منح شركات خاصة تلزيم مشروع الألياف الضوئية، حيث ترى غالبية الأطراف السياسية والقانونية أنه مخالف للدستور. وتشير مصادر معنية إلى أن موقف نادر الحريري يمثل العقدة الرئيسية التي تحول دون إيجاد مخرج للقضية يتيح الحفاظ على المال العام وعدم انتقاله إلى جيوب مالكي بعض الشركات.
لم تُقفِل مُحاولات رئيس الحكومة سعد الحريري لملمة ملف هيئة “أوجيرو” الباب في وجه العاصفة التي افتعلها وزير الاتصالات جمال الجراح. فالصدام الذي تسبّب فيه الوزير مع المدير العام للهيئة عماد كريدية، لم يعد محصوراً داخل تيار المستقبل. فغالبية القوى السياسية دخلت على الخط، وتُجري مشاورات مكثفة، بهدف الضغط على الجراح للتراجع عن قراره منح شركات خاصة حق استخدام أملاك الدولة، لإيصال خدمة الإنترنت والاتصالات عبر الألياف الضوئية إلى المنازل والمكاتب، بشكل يكسبها ربحاً بملايين الدولارات مقابل نسبة بسيطة للدولة.
وترى هذه الأطراف، إضافة إلى جهات قانونية، أن قرارات الجراح غير قانونية. وأظهرت مداولات لجنة الاعلام والاتصالات يوم الثلاثاء الفائت وجود معارضة واسعة لتحويل بنية الدولة التحتية لخدمة أصحاب شركات خاصة. كذلك فإن الملف كان بنداً رئيسياً على طاولة الرئيس نبيه بري في لقاء الاربعاء في عين التينة، حين أكّد رئيس المجلس أن ما قام به الجراح مخالف للدستور. ورأى بري أنه إذا كانت هناك من ضرورة لإدخال شركات خاصة على قطاع “الألياف الضوئية”، فإن الحل الوحيد هو في إجراء مناقصة عمومية، وليُمنح حق استخدام شبكة الدولة للشركة التي تعرض الحصول على أقل نسبة من الأرباح، لضمان أكبر قدر من الأرباح للخزينة العامة. وأكّد بري أن الأولوية تبقى للحفاظ على هيئة “أوجيرو”، كونها مؤسسة عامة.
وتجدر الإشارة إلى أن الجراح منح شركة “جي دي أس” (القرار رقم 365/1 تاريخ 11/5/2017)، وشركة «وايفز» (القرار رقم 395/1 تاريخ 13/6/2017)، حق استخدام البنية التحتية التي تملكها الدولة، من أجل تمديد “الألياف الضوئية” وتشغيلها لإيصال خدمة الانترنت السريع إلى المنازل والمكاتب والمؤسسات. وأعطى الجراح في قراريه “جي دي اس” حق الحصول على 80 في المئة من العائدات (مقابل 20 في المئة فقط للدولة)، ولـ”وايفز” 60 في المئة من العائدات، في مقابل 40 في المئة فقط للدولة.
وتؤكّد مصادر سياسية أن “الجراح استند في قراريه إلى مرسومين صادرين عن مجلس الوزراء منذ أكثر من 10 سنوات، رغم وجود مراسيم تنزع هذا الحق من الشركات الخاصة، فور تمكّن الدولة من تمديد شبكاتها”. وبالفعل، تضيف المصادر، لزّمت “أوجيرو” إنجاز البنية التحتية اللازمة لهذه الشبكات، وبدأت تمديد الألياف الضوئية، وأوصلتها إلى عدد من المؤسسات العامة (كوزارة الدفاع)، وإلى عدد من القرى والبلدات في كافة المناطق، كما بدأت إيصالها إلى شركات خاصة في بيروت، وخاصة في منطقتي الحمرا والأشرفية. وحاول الجراح، في قرار أصدره يوم 25 تشرين الاول الماضي، عرقلة عمل “أوجيرو”، عبر قرار فسخ عقود التشغيل والصيانة بينها وبين الدولة، ما تسبب في اندلاع أزمة داخل تيار المستقبل، كون مدير الهيئة محسوباً أيضاً على التيار.
وتؤكد مصادر سياسية رفيعة المستوى أن المشاورات الجارية توحي بإمكان التوصل إلى مخرج يؤدي إلى إلغاء الجراح قرارَي منح “جي دي أس” و”وايفز”، وأن العقدة الرئيسية التي تحول دون ذلك تتمثّل في موقف مدير مكتب رئيس الحكومة، نادر الحريري، “الراعي الرسمي” لـ”جي دي أس” وكريدية معاً.
(الأخبار)