ينفّذ الفلسطينيون اليوم (الإثنين)، إضراباً عاماً يشمل أراضي فلسطين التاريخية، المحتلة منذ العام 1948، والقدس، والضفة الغربية، وقطاع غزّة، وأماكن تواجد الشتات الفلسطيني، ضد قانون «يهودية الدولة» العنصري، الذي أقرّه «الكنيست» الإسرائيلي (19 تموز 2018)، وحدّد أنّه دولة لليهود فقط، وتعامل مع الفلسطينيين أصحاب الحق بالأرض، بأنّهم درجة أدنى.
ويأتي تنفيذ هذا الإضراب العام، ليكون الأوّل الشامل منذ الإضراب العام في ثورة 1936، وذلك تلبية لدعوة القوى والفصائل ولجنة المتابعة العربية في الأراضي الفلسطينية.
وأيضاً مع إحياء الفلسطينيين الذكرى الـ18 لـ«الانتفاضة الثانية» – «انتفاضة الأقصى»، واستشهاد الفتى محمد الدرّة، وهو في حضن والده جمال في قطاع غزّة، برصاص قنص جنود الإحتلال الذي أطلق باتجاههما بدم بارد، وتأكيداً على أنّ جذوة النضال لم تخب، والشعب الفلسطيني في انتفاضة مستمرّة، يقدّم الشهداء والجرحى والأسرى والمُبعدين والمشتّتين من أجلها.
وارتفعت وتيرة الخطوات التصعيدية بين الإدارة الأميركية وفلسطين، حيث لم يستوعب المسؤولون الأميركيون أنْ يرفض الرئيس الفلسطيني محمود عباس وساطات للقاء الرئيس الأميركي دونالد ترامب، إذا لم يتراجع عن قرارته الجائرة بمحاولة سلب القدس من الفلسطينيين.
وأيضاً بأنْ تتقدّم فلسطين بشكوى ضد الولايات المتحدة لدى «محكمة العدل الدولية» ضد قرارها الاعتراف بالقدس عاصمة للكيان الإسرائيلي، ونقل سفارتها من تل أبيب إليها، وهو ما يُعتبر مُخالفاً للقوانين والمواثيق والأعراف والشرائع الدولية، التي أكدت عدم المساس بالوضع القانوني للمدينة المقدّسة، وليس محاولات تكريس الوضع الحالي بقوّة الإحتلال الإسرائيلي.
وكذلك عدم انخداع الفلسطينيين بالكلام المعسول للرئيس ترامب بعد لقائه رئيس حكومة الإحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (الأربعاء 26 أيلول الماضي)، وقوله: «أحب حل الدولتين»، استباقاً لخطاب الرئيس عباس في الأمم المتحدة، الذي قال فيه: «لا»، جديدة، للإدارة الأميركية، بأنْ «تكون راعية وحيدة للسلام في العالم».
هذا في وقت، لا يزال خطاب الرئيس «أبو مازن» من على منبر الأمم المتحدة، يتفاعل من خلال الرسائل المتعدّدة التي وجّهها، وأكد فيها الثوابت الفلسطينية، وهو ما ستتم مناقشته خلال اجتماع المجلس المركزي، الذي سيُعقد في رام الله بالضفة الغربية، خلال النصف الثاني من شهر تشرين الأوّل الجاري، باتخاذ قرارات تتلاءم وتواكب متطلّبات المرحلة المقبلة، سواء بشأن العلاقة مع الإدارة الأميركية، أو الإحتلال الإسرائيلي، أو المصالحة الفلسطينية، وسُبُل العمل على رفع مستوى تمثيل دولة فلسطين في الأمم المتحدة إلى عضوية كاملة، والتصدي للقوانين الإسرائيلية الجائرة، التي تعمل على تكريس «قانون القومية» العنصري، من خلال إصدار قرار من «المحكمة العليا» الإسرائيلية بالتقسيم الزماني والمكاني للمسجد الأقصى المبارك في القدس المحتلة، على غرار ما جرى في الحرم الإبراهيمي الشريف في الخليل، وذلك بعد إصدار «المحكمة العليا» قراراً بهدم الخان الأحمر – شرقي القدس، واقتلاع أهله منه وتشريدهم، والذي انتهت أمس مهلة هدم القرية بأيدي أهلها الرافضين للقرار التعسّفي، حيث يواجهون بتصدٍّ وصمودٍ، في اعتصام مفتوح ومستمر في خيمة القرية، منذ أكثر من 100 يوم، بمشاركة أهالي القرية وفلسطينيين ومتضامنين أجانب.
وقد أطلقت «هيئة مقاومة الجدار والاستيطان»، أمس، حملة «الخان الأحمر» لقطف الزيتون في المحافظات الشمالية، بتوجيهات الرئيس «أبو مازن»، بالشراكة مع القنصلية البريطانية، وبالتعاون مع المحافظات والمؤسّسة الأمنية وأقاليم حركة «فتح».
وكذلك استمرار الشكوى في «المحكمة الجنائية الدولية» ضد «القانون العنصري».
فيما يواصل الكيان الإسرائيلي محاولة إلغاء وكالة «الأونروا»، وإعداد وزارة الخارجية وثيقة سياسية للتعاطي مع الوكالة الدولية، وكأنّه قد انتهت دوافع وجودها، وهو ما يتعارض مع ما أكدته قرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة، وفي طليعتها القرار رقم 194، بعودة اللاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم التي اقتلعوا منها.
في غضون ذلك، انتصر نادي «ريال مدريد» الإسباني لفلسطين، بتكريمه الأسيرة الفلسطينية المحرّرة عهد التميمي، بمنحها هدية رمزية، عبارة عن قميص النادي، الذي يحمل الرقم 9 مطبوعاً عليه إسمها.
واستقبل نائب المدير التنفيذي للنادي ايميليو بوتراغينيو، وهو يتوشّح بالكوفية الفلسطينية، في مقر النادي الملكي في العاصمة الإسبانية مدريد، عهد ووالديها باسم وناريمان وشقيقيها محمد وسلام، وقد أهدى إلى محمد قميصاً حمل إسمه والرقم (7)، وإلى سلام قميصاً حمل أيضاً إسمه والرقم (8).
وعلى الأثر شنَّ مسؤولون إسرائيليون هجوماً عنيفاً على مبادرة نادي «ريال مدريد».
وغرّد المتحدّث بإسم وزارة الخارجية الإسرائيلية عمانويل نحشون، عبر حسابه على «تويتر»: «إنّه من العار.. أنْ يستقبل ريـال مدريد مخرّبة تحرّض على العنف.. ذلك ليس من قيم كرة القدم».
فيما علّق السفير الإسرائيلي في إسبانيا دانييل كوتنر في تغريدة على «تويتر»: «إنّ عهد التميمي ليست مقاتلة من أجل السلام.. والمؤسّسات التي تستقبلها تعزّز العنف بدل الحوار والتفاهم».
وكانت التميمي قد وصلت إلى مدريد، برفقة والديها وشقيقها، في إطار مشاركتها في نشاطات وفاعليات ومنتديات سياسية، تستضيفها لتتحدّث عن تجربتها في الاعتقال لدى قوّات الإحتلال الإسرائيلي.
إلى ذلك، كثّف المستوطنون الصهاينة اقتحاماتهم للمسجد الأقصى المبارك وساحة البراق في القدس المحتلة، تزامناً مع اليوم قبل الأخير لـ«عيد العرش» اليهودي، الذي تخلّلته خلال الأسبوع الماضي اقتحامات واسعة وغير مسبوقة.
وأمس، اقتحم عضو «الكنيست» الإسرائيلي شولي المعلم المسجد الأقصى المبارك برفقة عشرات المستوطنين وهم يرتدون لباسهم الديني الخاص، حيث أدوّا ترانيم تلمودية جماعية وبصوت مرتفع، وذلك بحماية جنود الإحتلال والشرطة والضبّاط والقوّات الخاصة، الذين لم يكتفوا بتأمين الحماية للمستوطنين داخل ساحات الأقصى وخارجه، بل نصبوا السواتر الحديدية، وقاموا باعتقال مقدسيين وروّاد المسجد، وعدد من العاملين فيه، واحتجاز هويات الوافدين إلى المسجد، وإصدار قرارات إبعاد لهم بالجملة عن المسجد المبارك.
هذا في وقت شيّع فيه عشرات آلاف الفلسطينيين في قطاع غزّة، جثمان الشهداء السبعة الذين استشهدوا برصاص قوّات الإحتلال، خلال مشاركتهم في مسيرات العودة يوم الجمعة الماضي على حدود القطاع، والتي حملت إسم «جمعة إنتفاضة الأقصى».