قبل يومين ضجت وسائل إعلام ألمانية، بتوقيف أهم “رأس” داعشي ألماني، وأكبر “متطرف” ألماني انخرط سابقاً في عدد من التنظيمات الإرهابية، لا سيما القاعدة، لينتقل بعدها إلى صفوف داعش.
بعدها أكدت مصادر كردية أن قوات سوريا الديمقراطية اعتقلت المدعو محمد حيدر زمار. وأعلن قيادي كردي لوكالة فرانس برس الأربعاء، أن قوات كردية في شمال سوريا اعتقلت الألماني محمد زمّار المتهم بالمشاركة في التخطيط لاعتداءات 11 سبتمبر 2001 في الولايات المتحدة. وقال القيادي العسكري البارز طالبا عدم نشر اسمه، إن “محمد حيدر زمّار معتقل لدى الجهات الكردية الأمنية في شمال سوريا وهو الآن قيد التحقيق”.
وبعد تكتم أميركي، أعلنت وزارة الدفاع الأميركية ( البنتاغون ) الجمعة أن قوات تدعمها الولايات المتحدة في سوريا ألقت القبض منذ أكثر من شهر على الرجل “الشهير”. وقال إريك باهون المتحدث باسم البنتاغون “يمكننا أن نؤكد أن شركاءنا في قوات سوريا الديمقراطية ألقوا القبض على محمد حيدر زمار، وهو مواطن ألماني من مواليد سوريا، في إطار عملياتهم المستمرة لدحر داعش داخل سوريا”. وأضاف “نعمل مع شركائنا في قوات سوريا الديمقراطية للحصول على تفاصيل أخرى”.
فمن هو ” محمد حيدر زمار “؟
ولد زمار في حلب عام 1961 وانتقل إلى هامبورغ في طفولته. وعام 1982، نال الجنسية الألمانية وأصبح مواطنًا ألمانيًا.
بدأ مشواره مع ” القاعدة ” في هامبورغ ، حيث التقى بأحد ممولي التنظيم الإرهابي الألماني-السوري مامون داركازانلي.
وفي التسعينيات، سافر زمار إلى معسكر للقاعدة في جلال أباد ، قبل الانضمام إلى “مقاتلي القاعدة” أو ما عرف حينها بـ “المجاهدين” في البوسنة عام 1995.
عام 1996، سافر إلى أفغانستان تلبية لدعوة شخصية من# أسامة_بن_لادن . ثم عاد إلى هامبورغ الألمانية حيث انكب على الوعظ ، والحث على “الجهاد” بين أتباعه، ومن بينهم زعيم هجمات أيلول الدامية محمد عطا، وكذلك مروان الشحي ورمزي بن الشيبة ومنير المتصدق وسعيد بهجي.
وجاء في تقرير لجنة 11 سبتمبر أيلول أن زمار “إسلامي مفوه ونشط” أشاد “بالجهاد المسلح”.
كما لفت التقرير المذكور إلى أنه نال استحسانا داخل التنظيم لتأثيره على رمزي بن الشيبة المتهم بنقل أموال لمنفذي هجمات 11 سبتمبر/أيلول ونقل معلومات لمقاتلي القاعدة، وكذلك على محمد عطا الذي قاد الهجوم على مركز التجارة العالمي في مدينة نيويورك.
لعب زمار دور المعلم الروحي لخلية هامبورغ. وادعى أنه قدم عناصرها لبعضهم البعض، إلا أنه لا يعرف بالتأكيد مدى انخراطه “العملي” في تلك الهجمات التي هزت العالم عام 2001.
بعد ستة أسابيع من أحداث 11 سبتمبر، طار زمار إلى المغرب ليطلق زوجته الثانية.
إلا أن بعض المسؤولين في السلطات الأميركية، التي كانت تعرف منذ عام 1999 أن زمار على اتصال مباشر مع أحد كبار مسؤولي القاعدة، طلبوا من نظرائهم الألمان معلومات عنه.
وهكذا أعطت الاستخبارات الألمانية، بحسب ما جاء في تحقيق لصحيفة بيلد الألمانية، معلومات عنه إلى الولايات المتحدة، ما دفع الشرطة المغربية للقبض على زمار في ديسمبر 2001 وتسليمه إلى وكالة المخابرات المركزية.
بعدها نقل زمار إلى سوريا حيث سجن في فرع فلسطين الشهير، الذي يعرف بالـ “مسلخ”، واستلمت المخابرات السورية التحقيق معه، علماً أن تلك المخابرات نفسها كانت متهمة بأنها سهلت نقل المحاربين المتطرفين بعد عام 2003 لمحاربة القوات الأميركية في العراق.
من سجن فلسطين إلى أحرار الشام
إلا أن المخابرات السورية عادت وأطلقت سراحه بعد سنوات لاحقة.
وأبلغت الولايات المتحدة سفيرها في ذلك الحين فولفجانج إيشينجر عن مصير المواطن الألماني زمار في يونيو 2002 وطلبت من برلين الإبقاء على سرية القضية. وفي نوفمبر 2002 استجوب محققون من ألمانيا وأميركا زمار في دمشق. وبعدها استخدمت السلطات السورية شهاداته ضده.
حكم على زمار بالإعدام بعد اتهامه بأنه كان عضواً في جماعة الإخوان المسلمين، ثم في وقت لاحق عدل الحكم وخفض إلى 12 سنة سجن.
وفي عام 2008 ، أدلى وزير الخارجية الألماني آنذاك (والرئيس الحالي) شتاينماير بشهادته أمام لجنة برلمانية، وأخبر النواب بأن السلطات الألمانية لم تكن على علم بالترحيل الاستثنائي المعتزم لزمار في 2001 .
على الرغم من أن وزير الخارجية آنذاك أكد أن ألمانيا حاولت جاهدة استرجاع زمار إلى ألمانيا، إلا أنها لم تفلح.
وقبع في السجن حتى أواخر عام 2013 ، حين تم إطلاق سراحه من قبل النظام السوري، في صفقة تبادل للأسرى من قبل أحرار الشام.
وكان عناصر أحرار الشام وفصائل أخرى من المعارضة السورية يقاتلون حينها ضد داعش ، من أجل طردهم من حلب ، إلا أن زمار لم ينضم إلى الأحرار.، على ما يبدو وفضل الانخراط ضمن صفوف أبو بكر البغدادي.
في فيديو داعشي
ففي 20 فبراير / شباط 2014 ، أصدر جناح الإعلام التابع لـ “داعش” شريط فيديو جديدًا من محافظة حلب ، يُظهر “عناصر من داعش مع بعض القبائل”، حيث . اجتمع نحو 12 من أعضاء داعش وزعماء قبائل حلب للاستماع إلى خطاب للمدعو “أبو علي الأنباري” ، حاكم داعش في سوريا الذي قُتل على أيدي القوات الخاصة الأميركية لاحقاً في عام 2016.
وقد بدا بين الجماهير، محمد حيدر زمار جالساً تحت راية داعش، مستمعاً إلى الدعوات للقتال ضد المعارضة السورية، وإلى جانبه بندقية هجومية من طراز AK.
وعلى الرغم من أنه لم يكن واضحاً إذا كان زمار انضم بالفعل إلى داعش خلال هذا الاجتماع، إلا أن عدة تقارير جزمت لاحقاً أنه التحق بالتنظيم الإرهابي. لا بل إنه أعرب عن أسفه بعد بضعة أشهر ، مما أسماه “خيانة” زعيم جماعة أحرار الشام حسن عبود ، وهي نفس الجماعة التي حررته من سجن الأسد.
إلا أنه من غير الواضح ما هو الدور الذي لعبه بالفعل داخل داعش، علماً أن خلفيته السورية واتصالاته الشخصية مع أسامة بن لادن سابقاً وخلية هامبورغ، كان من الممكن أن تؤهله ليتقدم إلى صفوف القيادة العليا لداعش، ولعل هذا ما ستكشفه التحقيقات من قبل قوات سوريا الديمقراطية، والقوات الأميركية بالطبع المتواجدة في سوريا.