د. عامر مشموشي:
كل من تستمع اليه من المسؤولين يشعرك بأن الازمة التي تعيشها البلاد ظرفية، وسيأتي اليوم الذي تلتقي فيه كل الاطراف على قانون جديد للانتخابات.
هذا الكلام المفعم بالايجابية تسمعه من رئيس الجمهورية، كما تسمعه من رئيس مجلس النواب ورئيس مجلس الوزراء، لكن المشكلة عندما يدخلون في التفاصيل، بحيث تتبدد الايجابية وتتأكد ان الامور ما زالت تراوح مكانها، فلا اتفاق حتى الساعة بين كل الاطراف على واحد من كل الصيغ المطروحة في التداول، فلا التأهيلي مقبول من الرئيس بري ومعه حزب الله والنائب وليد جنبلاط، ولا النسبية الكاملة مقبولة من الرئيس عون.
فالفريق الاول يرى في التأهيلي نوع من الفرز الطائفي الذي ترفضه فئة كبيرة من اللبنانيين، ويعتبر ان النسبية الكاملة تحقق التمثيل العادل والصحيح وتحصل كل الطوائف على حصتها دون نقصان.
والفريق الثاني يعتبر ان النسبية الكاملة وان كانت تعطي كل ذي حق حقه لكنها في لبنان حيث يتوزع المسيحيون في كل المناطق الاسلامية تقريباً لا تحقق التمثيل العادل والصحيح، وتعطي كل الطوائف حقوقها كاملة بل تجعل المسيحيين كأقلية يذوبون في الاكثرية الاسلامية، ويبقى الخلل الحاصل الآن بسبب قانون الستين وقبله قانون غازي كنعان بل يزداد ويتسع بحيث ينتهي الوجود المسيحي المادي الى الانعدام.
هذا المشهد الطاغي على النقاشات والمشاورات الجارية على قدم وساق بين كل الاطراف يجعلك تتساءل هل دخل لبنان في ازمة نظام واصبح اللبنانيون على ابواب مؤتمر تأسيسي على غرار مؤتمر الطائف، ام انه لا يزال هناك وحتى العشرين من حزيران موعد انتهاء ولاية المجلس النيابي الحالي أمل أو شبه أمل في ان ينزل الوحي على الجميع ويتفقون على قانون للانتخابات يشكل انقاذاً للجميع مما هو آتٍ.
المسؤولون، كل المسؤولين، لا يزالون يراهنون على ربع الساعة الاخير، كعادة اللبنانيين في كل الازمات الصعبة التي مروا بها، بحيث ينزل الوحي على الجميع ويظهر الحل، ذلك لان هناك بالنسبة اليهم خطوط حمر لا يجوز بأي حال من الاحوال تجاوزها، ولان الخروج من الهاوية ليس بالسهولة التي يتوقعها البعض، وان كان ثمة من يدفع في هذا الاتجاه، وهذا ما يظهر في التعقيدات التي توضع فجأة عندما تقترب الاطراف المتحاورة من التفاهم على قواسم مشتركة تهيئ للاتفاق على قانون جديد تجري على اساسه الانتخابات ويحصل كل طرف او طائفة على حقوقه، ومع كل هذه الاجواء التي توحي بالسلبية في امكان التوصل الى قانون انتخابي جديد يجنب البلاد مخاطر الانزلاق في الفراغ، فإن ذلك لا يعني عند فريق يشارك في كل الاتصالات الجارية ان الابواب اقفلت ودخل البلد في ما يسمى المجهول.