«هو قانونٌ على شكل (جبلٍ) من الحساباتٍ السياسية والطائفية التي يتكوّن منها (بازل) التوازنات الداخلية بامتداداته الاقليمية، ولم يبقَ له إلا (ثقب إبرة) ليمرّ عبره في المهلة الضيّقة الباقية قبل انتهاء ولاية البرلمان بعد 11 يوماً».
هكذا وصفتْ مصادر مواكِبة لملف قانون الانتخاب الجديد في لبنان حال المفاوضات الأدقّ التي تدور على هذه الجبهة، لافتةً الى أنه رغم كل مظاهر التشدُّد المتبادل بين أطراف النقاش ولا سيما رئيس مجلس النواب نبيه بري وفريق الرئيس ميشال عون («التيار الوطني الحر»)، إلا أن أيّ عودة الى «المربّع الأوّل» في هذا الملفّ بالأيام الأخيرة الفاصلة عن انتهاء «صلاحية» البرلمان، لن تعني إلا وضْع البلاد أمام سيناريو «الفراغ المرعب» الذي تدرك القوى السياسية مخاطر بلوغه ولا سيما في ظلّ المنعطف الكبير الذي تمرّ به المنطقة في سياق المواجهة الخليجية – الأميركية مع إيران والتي يُخشى أن يجد لبنان نفسه في «مرمى نارها» وخصوصاً مع انطلاق مسار تشديد الخناق المالي على «حزب الله» مع جلسة الاستماع التي عُقدت أمس الخميس في مجلس النواب الأميركي تحت عنوان «استهداف الشبكة المالية لـ (حزب الله): الخيارات المتاحة» واتجهت الأنظار خلالها الى شهادة رئيس لجنة الشؤون الخارجية إد رويس حول المشروع الجديد للعقوبات ضد الحزب الذي يجري العمل عليه.
وانطلاقاً من هذه القراءة، ترى المصادر نفسها أنه سواء بقيت الجلسة التشريعية للبرلمان قائمة يوم الاثنين أو أرجئت ليومين أو ثلاثة، فإن الجميع محكومون بإنجاز التوافق حول القانون الجديد بعدما جرى التفاهم على خطوطه الرئيسية (النسبية الكاملة في 15 دائرة) من خلال «تَراجُعات» متبادلة، متوقفةً عند رفْد «حزب الله» في الساعات الماضية وبالفم الملآن شريكه بالثنائية الشيعية الرئيس بري بـ «خط دفاعٍ» في موقفه الرافض طرْح «التيار الحر» خصوصاً بربْط استيلاد القانون بتوافُقٍ على تعديلاتٍ دستورية تخص تثبيت المناصفة في البرلمان بملاقاة الاتجاه في مرحلة لاحقة لإنشاء مجلس الشيوخ، وهو ما اعتُبر «بطاقة صفراء» من الحزب حيال أي إمعانٍ في استنزاف الوقت الباقي بالإغراق في لعبة «حافة الهاوية» لتحصيل شروطٍ جزم بري بأنها خروجٌ على التفاهم الذي كان حصل في الإفطار الرئاسي قبل أيام معلناً «اللي بكبّر الحجر ما بيصيب».
وتبعاً لذلك، ترى المصادر أن الأيام القليلة المقبلة ستحمل تركيزاً على الجانب التقني العالق من قانون الانتخاب، وسط توقُّعِ تزخيم الاتصالات بعد محطتين، الاولى كلمة الرئيس عون المرتقبة اليوم بذكرى تأسيس قوى الأمن الداخلي، والثانية عودة الرئيس سعد الحريري الى بيروت (اليوم ايضاً) بعد زيارته القصيرة للسعودية حيث أدى مناسك العمرة ويفترض أن يكون عقد لقاءاتٍ في المملكة، علماً أن عون لا مصلحة له إطلاقاً في ان «تنفجر الألغام» بمسار قانون الانتخاب لأن أولى تشظيات أي فراغٍ ستطول عهده وتُدخله في مسلسل أزمات متوالدة.
ولا تستبعد المصادر عيْنها التفاهم في النهاية على «إعلان نيات» حيال عناوين المناصفة ومجلس الشيوخ وغيرها ليكون بحثها إما على طاولة حوار برئاسة عون وإما في البرلمان الجديد، لافتةً الى أن النقاط التقنية العالقة في القانون مثل الصوت التفضيلي (الطائفي) وعتبة الفوز وطرح الوزير جبران باسيل إبعاد المرشح الذي لا يحوز 40 في المئة من ناخبي طائفته وتخصيص مقاعد للمغتربين وخفض عدد النواب الى 108، هي في سياق رفع السقوف او «لعبة مقايضات» لتحسين شروط التسوية التي لا بد آتية لأن «لا مجال لساعة فراغ» كما قال وزير الداخلية نهاد المشنوق.
(الراي)