فيما فتح النقاش في الكواليس ومن فوق السطوح في ملف ترسيم الحدود البحرية بين بيروت وتل ابيب، وضاعت الى حد كبير “الطاسة”، فغابت المرجعية الواحدة الممسكة بالموقف اللبناني الرسمي والمحدّدة له والحاسمة فيه، وحلّ مكانها سوق عكاظ ومزايدات وخلافات بين اهل الحكم، سيما منذ دخول حزب الله على الخط رافضا الوساطة الاميركية، ورفض الثنائي الشيعي المشاركة في لجنة اقترح رئيس الجمهورية العماد ميشال عون تشكيلها للبحث في القضية الحيوية هذه… قررت المؤسسة العسكرية النأي بنفسها عن هذا السجال البرج بابلي، بحسب ما تقول مصادر سياسية مطّلعة لـ”المركزية”.
موقف قائد الجيش العماد جوزيف عون الثلثاء، كان واضحا في إظهار قرار الجيش تحييد نفسه عن التطاحن السياسي. فقد قال خلال تفقده فوج المغاوير في عمشيت: أنجز الجيش مهمته التقنية في المفاوضات غير المباشرة لترسيم الحدود البحرية بناءً على تكليف من السلطة السياسية، وبذلك يكون دورنا انتهى عند هذا الحد. بالتالي، وكما أعلنتُ سابقاً منذ نحو عام، ولاحقاً عبر بيان رسمي أنَّ المؤسسة العسكرية هي مع أيِّ قرار تتخذه السلطة السياسية في موضوع الترسيم، وبالتالي فنحن غير معنيّين بأي تحاليل إعلامية أو مواقف تصدر بهذا الشأن وتزجّ اسم المؤسسة، زاعمةً أنها أجواء القيادة. موقفنا الرسمي أُعلنه شخصياً أو يصدر عبر بيان من مديرية التوجيه حصراً. ليس لدينا ازدواجية في المواقف كما يدَّعي بعض من يسعى إلى استغلال هذا الموضوع لأهداف شخصية وسياسية”.
وفق المصادر فإن هذا الكلام الحاسم من قبل العماد عون، استدعاه سيل من التحليلات التي حاولت تحميل المؤسسة العسكرية مسؤولية تعثر المفاوضات، حيث دأب الاعلام المحسوب على عدد من القوى السياسية على تسويق معلومات مفادها ان الجيش “ورّط” اهل الحكم في “معمعة” الخط 29 وقد أدى رفعه السقف الى نسف محادثات الناقورة، وأن “العميد بسام ياسين طٌلب منه، من مرجعيات سياسية هو مقرّب منها، كشف مسألة سحب الرسالة اللبنانية الى الامم المتحدة في شأن الخط 29 للاضاءة على تراجع العهد عنه وموافقته على الخط 23 “نزولا عند رغبة الاميركيين”…
انطلاقا من هنا، وحسمًا للجدل العقيم هذا الذي يتزامن مع مواقف تصدر دوريا عن بعض القوى السياسية، تتهم الجيش بالخيانة وبالعمالة، والذي يعرف العماد عون ان هدفه الاول والاخير “حرق ورقة الجيش” وتشويه صورته وتلطيخها في صورة اللبنانيين والعالم، الذين يعتبرونه آخر المؤسسات الشرعية الصامدة والنظيفة، قال “القائد” كلمته ومشى: ننفذ أوامر السلطة السياسية ودورنا في المفاوضات انتهى، موجّها رسالته هذه الى كل مَن يحاول اقحام الجيش في الزواريب السياسية الضيقة التي لا مكان له فيها، والى الطبقة السياسية، وفحواها “اتفقي على ما تريدين، واذا احتجت الينا، نحن هنا للتنفيذ، لا اكثر ولا اقل”.. تختم المصادر.
المصدر: المركزية