خاص Lebanon On Time – جوزاف وهبه
كان لافتاً ما علّق به مستشار رئيس الحكومة الإسرائيلية ناتنياهو حول عملية إغتيال نائب الأمين العام لحركة حماس صالح العاروري (ويقال أنّه مهندس عمليّة طوفان الأقصى) والقياديين الميدانيين في الجنوب ولبنان سمير فندي وعزّام الأقرع، إذ قال:”نحن لم نقترب من حزب الله ومن الدولة اللبنانية..”، وكأنّه بذلك يقول أنّ المكتب المستهدف العائد لحماس، وإن كان مكانه في قلب الضاحية الجنوبية/ عرين حزب الله لا يخصّ الحزب ولا يعتبر تعدّياً عليه، وأنّ الضاحية الجنوبية وهي في قلب بيروت لا تخصّ الدولة اللبنانية ولو استهدفت بالصواريخ، ما يعني أنّه لا بدّ من التسليم الرسمي (الدولة اللبنانية) والحزبي (حزب الله) بوجود 3 دول تتجاور فوق الأراضي اللبنانية:الحكومة بما تمثّله، المقاومة بما هي امتداد لطهران وحركتا حماس والجهاد كبقعة فلسطينية مستقلّة!
واللافت أكثر أنّ الأمين العام حسن نصرالله، في خطاب ذكرى مقتل قاسم سليماني، قد وصف الكلام الإسرائيلي بأنّه “كلام صغار، لا أحد يصدّقه”، ولكنّه في واقع الحال قد تصرّف بموجبه إذ رفع سقف المواجهة مع العدو الإسرائيلي (بيننا وبينكم الميدان والأيّام والليالي) بحالة واحدة هي أن يشنّ الكيان الصهيوني حرباً على لبنان، وفي ذلك اعتراف ضمني بأنّ “حماس لاند” (مكاتب ومواقع ومخيّمات) لا تخضع لما يسمّى السيادة اللبنانية، وبأنّ القصف أكان بمسيّرة أو بطائرة حربية لم يُصب الضاحية، كما لم يُصب لا العاصمة بيروت ولا البلد لبنان!
وبقدر ما أنّ الحدث كان قيام إسرائيل باغتيال العاروري تحت أعين الحزب، فإنّ التوقيت عشيّة الإحتفاء باغتيال سليماني يحمل دلالات تعني جميع أطراف محور الممانعة، من طهران إلى بيروت ودمشق وبغداد واليمن وغزّة، وهي تتمثّل في أنّ “الجيش الذي لا يُقهر” قد استعاد الكثير من قدراته، وأنّ وحدة الساحات هي وحدة مكلفة ويمكن أن تكون “نقطة ضعف” لا مصدر قوّة، خاصة وأنّ “يوم سليماني العظيم” قد شهد تطوّرات عسكرية دراماتيكية في معظم هذه الساحات تكاد تضاهي عمليّة اغتيال سليماني نفسه ومن بعده العاروري والقائد في الحرس الثوري في سوريا رضى الموسوي:
-في كرمان، مرقد سليماني، مئات القتلى والجرحى في تفجيرين إستهدفا زوّار المرقد.وقد اكتفت طهران بمقولتها الشهيرة “الجريمة لن تمرّ بلا عقاب..في المكان والزمان المناسبين”.
-في أرض الجنوب 9 شهداء للحزب إرتقوا في يوم واحد ما بين الناقورة والبلدات المتاخمة للحدود، ومن بينهم المسؤول في منطقة الناقورة حسين يزبك مع إثنين من مرافقيه:لماذا يعاني الحزب من كلّ هذا الإنكشاف في تحرّكات عناصره وأماكن تواجدهم، حيث تصطادهم المسيّرات بسهولة وبشكل مكثّف يدعو للعجب والتحسّر؟
-في بغداد، قامت طائرات أميركية (على الأرجح) بتصفية أحد قياديي حركة “النجباء” والمدعو أبو تقي، إضافة الى عناصر أخرى ومرافقين.
في “يوم سليماني” وما قبله وما بعده، يصحّ القول “إنتظرناهم من الشرق فأتونا من الغرب” بمعنى أنّنا كنّا نتوقّع أن يزلزل محور الممانعة، في هذا اليوم المجيد، الأرض تحت أقدام العدو الإسرائيلي والشيطان الأكبر، فإذا بهؤلاء هم الذين صالوا وجالوا وقتلوا واغتالوا…ولكن رغم كلّ هذه المفارقات الواضحة والدموية، يصرّ المحور على رفع شارة النصر، والكلام عن الهزيمة التاريخية للعدو، وعن الإنتصار الحتمي للمقاومة، مهما غلت التضحيات!